وعن أبي طلحة Bه : غشينا النعاس ونحن في مصافنا فكان السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه ثم يسقط فيأخذه وما أحد إلا ويميل تحت جحفته . وعن الزبير Bه : لقد رأيتني مع رسول الله A حين اشتد علينا الخوف فأرسل الله علينا النوم . والله إني لأسمع قول معتب بن قشير والنعاس يغشاني : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا . والأمنة : الأمن . وقرئ : أمنة بسكون الميم كأنها المرة من الأمن و " نعاسا " بدل من أمنة . ويجوز أن يكون هو المفعول وأمنة حالا منه مقدة عليه كقولك : رأيت راكبا رجلا أو مفعولا له بمعنى نعستم أمنة . ويجوز أن يكون حالا من المخاطبين بمعنى ذوي أمنة أو على أنه جمع آمن كبار وبررة " يغشى " قرئ بالياء والتاء ردا على النعاس أو على الأمنة " طائفة منكم " هم أهل الصدق واليقين " وطائفة " هم المنافقون " قد أهمتهم أنفسهم " ما بهم إلا هم أنفسهم لا هم الدين ولا هم الرسول A والمسلمين أو قد أوقعتهم أنفسهم وما حل بهم في الهموم والأشجان فهم في التشاكي والتباث " غير الحق " في حكم المصدر .
ومعناه : يظنون بالله غير الظن الحق الذي يجب أن يظن به . و " ظن الجاهلية " بدل منه . ويجوز أن يكون المعنى : يظنون بالله ظن الجاهلية . وغير الحق : تأكيد ليظنون كقولك : هذا القول غير ما تقول وهذا القول لا قولك وظن الجاهلية كقولك : حاتم الجود ورجل صدق : يريد الظن المختص بالملة الجاهلية . ويجوز أن يراد ظن أهل الجاهلية أي لا يظن مثل ذلك الظن إلا أهل الشرك الجاهلون بالله " يقولون " لرسول الله A يسألونه " هل لنا من الأمر من شيء " معناه هل لنا معاشر المسلمين من أمر الله نصيب قط يعنون النصر والإظهار على العدو " قل إن الأمر كله لله " ولأوليائه المؤمنين وهو النصر والغلبة " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي " المجادلة : 21 ، " وإن جندنا لهم الغالبون " الصافات : 173 ، " يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك " معناه : يقولون لك فيما يظهرون : هل لنا من الأمر من شيء سؤال المؤمنين المسترشدين وهم فيما يبطنون على النفاق يقولون في أنفسهم أو بعضهم لبعض منكرين لقولك لهم إن الأمر كله لله " لو كان لنا من الأمر شيء " أي لو كان الأمر كما قال محمد إن الأمر كله لله ولأوليائه وأنهم الغالبون لما غلبنا قط . ولما قتل من المسلمين من قتل في هذه المعركة " قل لو كنتم في بيوتكم " يعني من علم الله منه أنه يقتل ويصرع في هذه المصارع وكتب ذلك في اللوح لم يكن بد من وجوده فلو قعدتم في بيوتكم " لبرز " من بينكم " الذين " علم الله أنهم يقتلون " إلى مضاجعهم " وهي مصارعهم ليكون ما علم الله أنه يكون . والمعنى أن الله كتب في اللوح قتل من يقتل من المؤمنين وكتب مع ذلك أنهم الغالبون لعلمه أن العاقبة في الغلبة لهم وأن دين الإسلام يظهر على الدين كله وأن ما ينكبون به في بعض الأوقات تمحيص لهم وترغيب في الشهادة وحرصهم على الشهادة مما يحرضهم على الجهاد فتحصل الغلبة . وقيل : معناه هل لنا من التدبير من شيء يعنون لم نملك شيئا من التدبير حيث خرجنا من المدينة إلى أحد وكان علينا أن نقيم ولا نبرح كما كان رأي عبد الله بن أبي وغيره ولو ملكنا من التدبير شيئا لما قتلنا في هذه المعركة قل إن التدبير كله لله يريد أن الله D قد دبر الأمر كما جرى ولو أقمتم بالمدينة ولم تخرجوا من بيوتكم لما نجا من القتل من قتل منكم . وقرئ : كتب عليهم القتال . وكتب عليهم القتل على البناء للفاعل . ولبرز بالتشديد وضم الباء " وليبتلي الله " وليمتحن ما في صدور المؤمنين من الإخلاص ويمحص ما في قلوبهم من وساوس الشيطان . فعل ذلك أو فعل ذلك لمصالح جمة وللابتلاء والتمحيص . فإن قلت : كيف مواقع الجمل التي بعد قوله وطائفة ؟ قلت : " قد أهمتهم " صفة لطائفة و " يظنون " صفة أخرى أو حال بمعنى : قد أهمتهم أنفسهم ظانين . أو استئناف على وجه البيان للجملة قبلها . و " يقولون " بدل من يظنون . فإن قلت : كيف صح أن يقع ما هو مسألة عن الأمر بدلا من الإخبار بالظن ؟ قلت : كانت مسألتهم صادرة عن الظن فلذلك جاز إبداله منه . ويخفون حال من يقولون . و " قل إن الأمر كله لله " آل عمران : 154 ، اعتراض بين الحال وذوي الحال . و " يقولون " بدل من " يخفون " والأجود أن يكون استئنافا