" يا أيها الذين أمنوا " خطاب للمنافقين الذين آمنوا بألسنتهم . ويجوز أن يكون للمؤمنين أي : إذا تناجيتم فلا تتشبهوا بأولئك في تناجيهم بالشر " وتناجوا بالبر والتقوى " وعن النبي A : 1140 " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه " وروي : " دون الثالث " . وقرئ : " فلا تناجوا " وعن ابن مسعود : إذا انتجيتم فلا تنتجوا " إنما النجوى " اللام إسارة إلى النجوى بالإثم والعدوان بدليل قوله تعالى : " ليحزن الذين أمنوا " والمعنى : إن الشيطان يزينها لهم فكأنها منه ليغيظ الذين آمنوا ويحزنهم " وليس " الشيطان أو الحزن " بضارهم شيئا إلا بإذن الله " . فإن قلت : كيف لا يضرهم الشيطان أو الحزن إلا بإذن الله ؟ قلت : كانوا يوهمون المؤمنين في نجواهم وتغامزهم أن غزاتهم غلبوا وأن أقاربهم قتلوا فقال : لا يضرهم الشيطان أو الحزن بذلك الموهم إلا بإذن الله أي : بمشيئته وهو أن يقضي الموت على أقاربهم أو الغلبة على الغزاة . وقرئ : " ليحزن " و " ليحزن " .
" يا أيها الذين أمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير . " " تفسحوا في المجالس " توسعوا فيه وليفسح بعضكم عن بعض من قولهم : افسح عني أي : تنح ؛ ولا تتضاموا . وقرئ : " تفاسحوا " والمار : مجلس رسول الله وكانوا يتضامون فيه تنافسا على القرب منه وحرصا على استماع كلامه وقيل : هو المجلس من مجالس القتال وهي مراكز الغزاة كقوله تعالى : " مقاعد للقتال " آل عمران : 121 وقرئ : " في المجالس " قيل : كان الرجل يأتي الصف فيقول : تفسحوا فيأبون لحرصهم على الشهادة . وقرئ : " في المجلس " بفتح اللام : وهو الجلوس أي : توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه " يفسح الله لكم " مطلق في كل ما يبتغي الناس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغير ذلك " انشزوا " انهضوا للتوسعة على المقبلين . أو انهضوا عن مجلس رسول الله إذا أمرتم بالنهوض عنه ولا تملوا رسول الله بالارتكاز فيه : أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير إذا استنهضتم ولا تثبطوا ولا تفرطوا " يرفع الله " المؤمنين بامتثال أوامره وأوامر رسوله والعالمين منهم خاصة " درجات والله بما تعملون " قرئ : بالتاء والياء . عن عبد الله بن مسعود Bه : أنه كان إذا قرأها قال : يا أيها الناس افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم . وعن النبي A : 1141 بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة " . وعنه عليه السلام : 1142 " فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب " وعنه عليه السلام : 1143 " يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء " فأعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله . وعن ابن عباس : خير سليمان بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطى المال والملك معه . وقال عليه السلام : 1144 " أوحى الله إلى إبراهيم يا إبراهيم إني عليم أحب كل عليم " وعن بعض الحكماء : ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم وأي شيء فات من أدرك العلم وعن الأحنف : كاد العلماء يكونون أربابا وكل عز لم يوطد بعلم فإلى ذل ما يصير . وعن الزبيري العلم ذكر فلا يحبه إلا ذكورة الرجال .
" يا أيها الذين أمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم . ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون . " " بين يدي نجواكم " استعارة ممن له يدان . والمعنى : قبل نجواكم كقول عمر : من أفضل ما أوتيت العرب الشعر يقدمه الرجل أمام حاجته فيستمطر به الكريم ويستنزل به اللئيم يريد : قبل حاجته " ذلكم " التقديم " خير لكم " في دينكم " وأطهر " لأن الصدقة طهرة . روي أن الناس أكثروا مناجاة رسول الله A بما يريدون حتى أملوه وأبرموه فأريد أن يكفوا عن ذلك فأمروا بأن من أراد أن يناجيه قدم قبل مناجاته صدقة . قال علي Bه :