وأمره عطف على بعث قوله أن يدفعه أي بأن يدفعه و أن مصدرية أي بدفعه قوله فدفعه معطوف على مقدر أي فذهب إلى عظيم البحرين فدفعه إليه ثم بعثه العظيم إلى كسرى فدفعه إليه ومثل هذه الفاء تسمى فاء الفصيحة قوله مزقه جواب لما قوله إن ابن المسيب في محل النصب على أنه أحد مفعولي حسبت قوله قال جملة في محل النصب على أنها مفعول ثان لحسبت قوله فدعا معطوف على محذوف تقديره لما مزقه وبلغ النبي ذلك غضب فدعا والمحذوف هو مقول القول قوله أن يمزقوا أي بأن يمزقوا و أن مصدرية أي بالتمزيق قوله كل ممزق كلام إضافي منصوب على النيابة عن المصدر كما في قوله ( يظنان كل الظن أن لا تلاقيا ) .
والممزق بفتح الزاي مصدر على وزن اسم المفعول بمعنى التمزيق .
بيان المعاني قوله رجلا هو عبد الله بن حذافة السهمي وقد سماه البخاري في المغازي وحذافة بضم الحاء المهملة وبالذال المعجمة وبعد الألف فاء ابن قيس بن عدي بن سعد بفتح السين وسكون العين ابن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي أخو خنيس بن حذافة زوج حفصة أصابته جراحة بأحد فمات منها وخلف عليها بعده رسول الله وعبد الله هو الذي قال يا رسول الله من أبي قال أبوك حذافة أسلم قديما وكان من المهاجرين الأولين وكانت فيه دعابة وقيل إنه شهد بدرا ولم يذكره الزهري ولا موسى بن عقبة ولا ابن إسحاق في البدريين وأسره الروم في زمن عمر رضي الله تعالى عنه فأرادوه على الكفر وله في ذلك قصة طويلة وآخرها أنه قال له ملكهم قبل رأسي أطلقك قال لا قال له وأطلق من معك من أسرى المسلمين فقبل رأسه فأطلق معه ثمانين أسيرا من المسلمين فكان الصحابة يقولون له قبلت رأس علج فيقول اطلق الله بتلك القبلة ثمانين أسيرا من المسلمين توفي عبد الله في خلافة عثمان Bه قوله عظيم البحرين هو المنذر بن ساوي بالسين المهملة وفتح الواو والبحرين بلد بين البصرة وعمان هكذا يقال بالياء وفي ( العباب ) قال الحذاق يقال هذه البحران وانتهينا إلى البحرين وقال الأزهري إنما ثنوا البحرين لأن في ناحية قراها بحيرة على باب الأحساء وقرى هجر بينها وبين البحر الأخضر عشرة فراسخ قال وقدرت البحيرة بثلاثة أميال في مثلها ولا يغيض ماؤها راكد زعاق والنسبة إلى البحرين بحراني وقال أبو محمد اليزيدي سألني المهدي وسأل الكسائي عن النسبة إلى البحرين وإلى حصنين لم قالوا بحراني وحصني فقال الكسائي كرهوا أن يقولوا حصناني لاجتماع النونين وقلت إنما كرهوا أن يقولوا بحري فيشبه النسبة إلى البحر قلت قد صالح النبي أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي وبعث أبا عبيدة فأتى بجزيتها وقد ذكرنا أن النبي بعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي العبدي ملك البحرين فصدق واسلم فإن قلت لم لم يقل إلى ملك البحرين وقال عظيم البحرين قلت لأنه لا ملك ولا سلطنة للكفار إذ الكل لرسول الله ولمن ولاه قوله إلى كسرى بفتح الكاف وكسرها وقال ابن الجواليقي الكسر أفصح وهو فارسي معرب خسرو وقال الجوهري وجمعه أكاسرة على غير قياس لأن قياسه كسرون بفتح الراء وقد ذكرنا في قصة هرقل أن كسرى لقب لكل من ملك الفرس كما أن قيصر لقب لكل من ملك الروم والذي مزق الكتاب من الأكاسرة هو برويز بن هرمز بن أنوشروان ولما مزق الكتاب قال رسول الله مزق ملكه وقال إذا مات كسرى فلا كسرى بعده قال الواقدي فسلط على كسرى ابنه شرويه وقتله سنة سبع فتمزق ملكه كل ممزق وزال من جميع الأرض واضمحل بدعوة النبي وكان أنو شروان هو الذي ملك النعمان بن المنذر على العرب وهو الذي قصده سيف بن ذي يزن يستنصره على الحبشة فبعث معه قائدا من قواده فنفوا السودان وكان ملكه سبعا وأربعين سنة وسبعة أشهر وقال ابن سعد لما مزق كسرى كتاب رسول الله بعث إلى باذان عامله في اليمن أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز فليأتياني بخبره فبعث باذان قهرمانه ورجلا آخر وكتب معهما كتابا فقدما المدينة فدفعا كتاب باذان إلى النبي E فتبسم النبي ودعاهما إلى الإسلام وفرائصهما ترعد وقال لهما أبلغا صاحبكما أن ربي قتل ربه كسرى في هذه الليلة لسبع ساعات مضت منها وهي ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع وأن الله سلط عليه ابنه شرويه فقتله وقال ابن هشام لما مات وهرز الذي كان باليمن على جيش الفرس أمر كسرى ابنه يعني ابن وهرز ثم عزله وولى باذان فلم يزل عليها حتى بعث الله النبي قال فبلغني عن الزهري أنه قال كتب كسرى إلى