إلى ما بعد نصف ساعة من صحوه ويقظته .
ثم أيقظه وأخذ يتم محاضرته ونحن نفجأ الوسيط بالاسم الحقيقي فلا يجيب ثم نفجؤه باسمه الثاني فيجيب حتى إذا مضى نصف الساعة المضروب عاد الوسيط إلى حاله الأولى من العلم باسمه الحقيقي .
وبهذه التجربة أثبت الأستاذ أن المنوم بكسر الواو يستطيع أن يمحو من نفس وسيطه كل أثر يريد محوه مهما كان ثابتا في النفس كاسم الإنسان عينه ومهما كان مقدسا فيها كعقائد الدين .
وإنما اختار الأستاذ محو الاسم دون الدين لأمرين أحدهما أن محو الدين عدوان أثيم وإجرام شنيع لم تقبله نفسية المحاضر ولا الحاضرين .
ثانيهما أن الاسم أثبت في نفس صاحبه من دينه فمحوه منها أعجب ومنه تعلم أن محو الدين منها أيسر .
وبهذه التجربة أيضا ثبت لي أنا من طريق علمي ما قرب إلي الوحي عمليا وما جعلني أعلله تعليلا علميا فالوحي عن طريق الملك عبارة عن اتصال الملك بالرسول اتصالا يؤثر به الأول في الثاني ويتأثر فيه الثاني بالأول وذلك باستعداد خاص في كليهما فالأول فيه قوة الإلقاء والتأثير لأنه روحاني محض والثاني فيه قابلية التلقي عن هذا الملك لصفاء روحانيته وطهارة نفسه المناسبة لطهارة الملك .
وعند تسلط الملك على الرسول ينسلخ الرسول عن حالته العادية ويظهر أثر التغير عليه ويستغرق في الأخذ والتلقي عن الملك ويطبع ما تلقاه في نفسه حتى إذا انجلى عنه الوحي وعاد إلى حالته الأولى وجد ما تلقاه ماثلا في نفسه حاضرا في قلبه كأنما كتب في صحيفة فؤاده كتابا .
أتظن أيها القارىء الكريم أن المخلوق يستطيع أن يؤثر في نفس مخلوق آخر ذلك التأثير بواسطة التنويم المغناطيسي ثم لا يستطيع مالك القوى والقدر أن يؤثر في نفس من شاء من عباده بواسطة الوحي كلا ثم كلا إنه على ما يشاء قدير .
الدليل العلمي الثاني إن العلم الحديث استطاع أن يخترع من العجائب ما نعرفه ونشاهده وننتفع به مما يسمونه التليفون واللاسلكي والميكرفون والراديو .
وعن طريق أولئك أمكن الإنسان أن يخاطب من كان في آفاق بعيدة عنه وأن يفهمه ما شاء ويرشده إلى ما أراد .
فهل يعقل بعد قيام هذه المخترعات المادية أن يعجز الإله القادر عن أن يوحي إلى بعض عباده ما شاء عن طريق الملك أو غير الملك تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .
الدليل الثالث استطاع العلم أيضا أن يملأ بعض اسطوانات من الجماد الجامد الجاهل بأصوات وأنغام وبقرآن وأغان وكلام على وجه يجعلها حاكية له بدقة وإتقان وبين أيدينا من ذلك شيء كثير لا سبيل إلى إنكاره يسمونه بالفونغراف