ذلك .
وإنما كتبوا مصاحف متعددة لأن عثمان Bه قصد إرسال ماوقع الإجماع عليه إلى أقطار بلاد المسلمين وهي الأخرى متعددة وكتبوها متفاوتة في إثبات وحذف وبدل وغيرها لأنه Bه قصد اشتمالها على الأحرف السبعة .
وجعلوها خالية من النقط والشكل تحقيقا لهذا الاحتمال أيضا .
فكانت بعض الكلمات يقرأ رسمها بأكثر من وجه عند تجردها من النقط والشكل نحو فتبينوا من قوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا 49 الحجرات 6 فإنها تصلح أن تقرأ فتثبتوا عند خلوها من النقط والشكل وهي قراءة أخرى وكذلك كلمة ننشرها من قوله تعالى وانظر إلى العظام كيف ننشزها 2 البقرة 259 فإن تجردها من النقط والشكل كما ترى يجعلها صالحة عندهم أن يقرؤوها ننشزها بالزاي وهي قراءة واردة أيضا وكذلك كلمة أف التي ورد أنها تقرأ بسبعة وثلاثين وجها .
أما الكلمات التي لا تدل على أكثر من قراءة عند خلوها من النقط والشكل مع أنها واردة بقراءة أخرى أيضا فإنهم كانوا يرسمونها في بعض المصاحف برسم يدل على قراءة وفي بعض آخر برسم آخر يدل على القراءة الثانية كقراءة وصى بالتضعيف وأوصى بالهمز وهما قراءتان في قوله سبحانه ووصى بها إبرهم بنيه ويعقوب 2 البقرة 132 .
وكذلك قراءة تحتها الأنهار وقراءة من تحتها الأنهار بزيادة لفظ من في قوله تعالى في سورة التوبة لهم جنت تجرى من تحتها الانهر 9 التوبة 89 وهما قراءتان أيضا .
وصفوة القول أن اللفظ الذي لا تختلف فيه وجوه القراءات كانوا يرسمونه بصورة واحدة لا محالة .
أما الذي تختلف فيه وجوه القراءات فإن كان لا يمكن رسمه في الخط محتملا لتلك الوجوه كلها فإنهم يكتبونه برسم يوافق بعض الوجوه في مصحف ثم يكتبونه برسم آخر يوافق بعض الوجوه الأخرى في مصحف آخر .
وكانوا يتحاشون أن يكتبوه بالرسمين في مصحف واحد خشية أن يتوهم أن اللفظ نزل مكررا بالوجهين في قراءة واحدة وليس كذلك .
بل هما قراءتان نزل اللفظ في إحداهما بوجه واحد وفي الثانية بوجه آخر من غير تكرار في واحدة منهما .
وكذلك كانوا يتحاشون أن يكتبوا هذا اللفظ في مصحف واحد برسمين أحدهما في الأصل والآخر في الحاشية لئلا يتوهم أن الثاني تصحيح للأول .
أضف إلى ذلك أن كتابة أحدهما في الأصل والآخر في الحاشية دون العكس تحكم أو ترجيح بلا مرجح وذلك نحو كلمة وصى بالتضعيف وأوصى بالهمز كما سبق .
أما اللفظ الذي تختلف فيه القراءات ويدل عليه الرسم بصورة واحدة تحتمل هذا الاختلاف ويساعدهم عليه ترك الإعجام والشكل نحو فتبينوا وننشرها كما سلف بيانه