وقال الأصمعي حدثنا أبو حاضر الأسدي عن أبيه قال كان فيما أوصى به أكثم بن صيفي ولده عند خروجه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فذكر قصته وقال العسكري في الصحابة في فصل من أدرك النبي صلى الله عليه وسلّم ولم يلقه روى أهل الأخبار أنه خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وأن بن أخ له غور طريقهم ليرجع ففقد الماء فرجع فمات عطشا وقد تبع بن منده بن السكن في إخراجه وأخرج الخبر المذكور عنه ولم يزد على ذلك ثم أخرج أكثم بن صيفي قال وهو بن عبد العزى فسرد نسب أكثم بن الجون الخزاعي ثم قال أكثم بن الجون فذكر له ترجمة على حدة فهذا معدود في أغلاطه ثم وجدت قصة أكثم التي أشار إليها العسكري في كتاب الصحابة مطولة وفيها التصريح بإسلامه وقال أبو حاتم في المعمرين لما سمع أكثم بخروج النبي صلى الله عليه وسلّم بعث إليه ابنه حبيشا ليأتيه بخبره وقال يا بني إني أعظك بكلمات فخذ بهن من حين تخرج من عندي إلى أن ترجع فذكر قصة طويلة فيها فكتب إليه النبي صلى الله عليه وسلّم أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو إن الله أمرني أن أقول لا إله إلا الله فقال أكثم لابنه ماذا رأيت قال رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها فجمع أكثم قومه ودعاهم إلى اتباعه وقال لهم إن سفيان بن مجاشع سمي ابنه محمدا حبا في هذا الرجل وإن اسقف نجران كان يخبر بأمره وبعثه فكونوا في أمره أولا ولا تكونوا أخرا فقال لهم مالك بن نويرة إن شيخكم خرف فقال أكثم ويل للشجي من الخلي والله ما عليك آسى ولكن على العامة ثم نادى في قومه فتبعه منهم مائة رجل منهم الأقرع بن حابس وسلمى بن القين وأبو تميمة الهجيمي ورباح بن الربيع والهنيد وعبد الرحمن بن الربيع وصفوان بن أسيد فساروا حتى إذا كانوا دون المدينة بأربع ليال كره ابنه حبيش ميسره فأدلج على إبل أصحاب أبيه فنحرها وشق قربهم ومزاداتهم فأصبحوا ليس معهم ماء ولا ظهر فجهدهم العطش وأيقن أكثم بالموت فقال لأصحابه اقدموا على هذا الرجل وأعلموه بأني أشهد أن لا أله إلا الله وأنه رسول الله انظروا إن كان معه كتاب بإيضاح ما يقول فآمنوا به واتبعوه وآزروه قال فقدموا عليه فأسلموا قال فبلغ حاجبا ووكيعا خروج أكثم فخرجا في أثره فلما مرا بقبره أقاما به ونحرا عليه جزورا ثم قدما على أصحابه فقالا لهم ماذا أمركم به أكثم قالوا أمرنا بالإسلام قال فأسلما معهم قال أبو حاتم عاش أكثم ثلاثمائة وثلاثين سنة وكان أبوه صيفي أيضا من المعمرين عاش مائتين وسبعين سنة ويقال بل عاش أكثم مائة وتسعين سنة قلت وأنشد له المرزباني ... وإن امرئ عاش تسعين حجة ... إلى مائة لم يسأم العيش جاهل ... أتت مائتان غير عشر وفائها ... وذلك من مر الليالي قلائل وذكر الخطيب هذين البيتين بسنده إلى أبي حاتم ونقل عنه أنه كان يقول إنما قلب الرجل مضغة منه وإنه ينحل كما ينحل سائر جسده وقال الخطيب وكانت له حكمة وبلاغة