وكان سبب تزوجها برسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس عن ابن إسحاق قال : كانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها تضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه . فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له : ميسرة فقبله منها وخرج في مالها ومعه غلامها ميسرة حتى قدم الشام فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال : من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة قال : هذا الرجل من قريش من أهل الحرم . فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي . ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد ثم أقبل قافلا إلى مكة فلما قدم على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعف أو قريبا وحدثها ميسرة عن قول الراهب . وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامتها . فلما اخبرها ميسرة بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له : أني قد رغبت فيك لقرابتك مني وشرفك في قومك وأمانتك عندهم وحسن خلقك وصدق حديثك ثم عرضت عليه نفسها وكانت أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا . فلما قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالت ذكر ذلك لأعمامه فخرج معه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم قبل أن ينزل عليه الوحي : زينب وأم كلثوم وفاطمة ورقية والقاسم والطاهر والطيب . فأما القاسم والطيب والطاهر فهلكوا قبل الإسلام وبالقاسم كان يكنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما بناته فأدركن الإسلام فهاجرن معه واتبعنه وأمن به .
وقيل إن الطاهر والطيب ولدا في الإسلام .
وقد تقدم أن عمها عمرا زوجها وأن أباها كان قد مات قاله الزبير وغيره .
واختلف العلماء في أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فروى معمر عن الزهري قال : زعم بعض العلماء أنها ولدت له ولدا يسمى الطاهر وقال : قال بعضهم : ما نعلمها ولدت له إلا القاسم وبناته الأربع .
وقال عقيل عن ابن هشام وذكر بناته وقال : والقاسم والطاهر .
وقال قتادة : ولدت له خديجة غلامين وأربع بنات : القاسم وبه كان يكنى وعاش حتى مشى وعبد الله مات صغيرا .
وقال الزبير : ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم والقاسم وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عبد الله وكان يقال له الطيب ويقال له الطاهر ثم مات القاسم بمكة وهو أول ميت مات من ولده ثم عبد الله مات أيضا بمكة .
وقال الزبير أيضا : حدثني إبراهيم بن المنذر عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن : أن خديجة بنت خويلد ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم والطاهر والطيب وعبد الله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة .
وقال علي بن عبد العزيز الجرجاني : أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم : القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب قال : وقال الكلبي : زينب والقاسم ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية ثم عبد الله وكان يقال له الطيب والطاهر . قال : وهذا هو الصحيح وغيره تخليط .
وقال الكلبي : ولد عبد الله في الإسلام وكل ولده منها ولد قبل الإسلام