36076 - عن محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب وأشياخ قالوا : رأى عمر بن الخطاب في المنام قال : رأيت ديكا أحمر نقرني ثلاث نقرات بين الثنة ( الثنة : ما بين السرة والعانة من أسفل البطن . النهاية 1 / 224 . ب ) والسرة قالت أسماء بنت عميس أم عبد الله بن جعفر : قولوا له : فليوص - وكانت تعبر الرؤيا فجاءه أبو لؤلؤة الكافر المجوسي عبد المغيرة ابن شعبة فقال : إن المغيرة قد حمل علي من الخراج ما لا أطيق قال : كم جعل عليك ؟ قال : كذا وكذا قال : وما عملك ؟ قال : أجوب ( أجوب : جاب : خرق وقطع : وبابه قال ومنه قوله تعالى : ( وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ) وجبت البلاد - بضم الجيم وكسرها من باب قال وباع - واجتبتها : قطعتها . المختار 86 . ب ) الأرحاء قال : وما ذاك عليك بكثير ليس بأرضنا أحد يعملها غيرك ألا تصنع لي رحى ؟ قال : بلى والله لأجعلن لك رحى يسمع بها أهل الآفاق .
فخرج عمر إلى الحج فلما صدر اضطجع بالمحصب وجعل رداءه تحت رأسه فنظر إلى القمر فأعجبه استواؤه وحسنه فقال : بدا ضعيفا ثم لم يزل الله يزيده حتى استوى فكان أحسن ما كان ثم هو ينقص حتى يرجع كما كان وكذلك الخلق كله ثم رفع يديه فقال : اللهم إن رعيتي كثرت وانتشرت فاقبضني إليك غير عاجز ولا مضيع .
فصدر إلى المدينة فذكر له أن امرأة من المسلمين ماتت بالبيداء مطروحة على الأرض يمر بها الناس لا يكفنها أحد ولا يواريها أحد حتى مر بها كليب بن البكير الليثي فأقام عليها حتى كفنها وواراها فذكر ذلك لعمر فقال : من مر بها من المسلمين ؟ فقالوا : لقد مر عليها عبد الله بن عمر فيمن مر عليها من الناس فدعاه وقال : ويحك مررت على امرأة من المسلمين مطروحة على ظهر الطريق فلم توارها ولم تكفنها قال : والله ما شعرت بها ولا ذكرها لي أحد فقال : لقد خشيت أن لا يكون فيك خير فقال : من واراها وكفنها ؟ قال : كليب ابن بكير الليثي قال : والله لحري أن يصيب كليب خيرا .
فخرج عمر يوقظ الناس بدرته لصلاة الصبح فلقيه الكافر أبو لؤلؤة فطعنه ثلاث طعنات بين الثنة والسرة وطعن كليب بن بكير فأجهز عليه وتصايح الناس فرمى رجل على رأسه ببرنس ثم اضطبعه إليه وحمل عمر إلى الدار فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس وقيل لعمر : الصلاة - وجرحه يثعب ( يثعب : أي يجري . النهاية 1 / 212 . ب ) قال : لا حظ لمن لا صلاة له فصلى ودمه يثعب ثم انصرف الناس عليه فقالوا : يا أمير المؤمنين إنه ليس بك بأس وإنا لنرجو أن ينسئ ( ينسيء : النسأ : التأخير . يقال : نسأت الشيء نسأ وأنسأته إنساء إذا أخرته . النهاية 5 / 44 . ب ) الله في أثرك ( أثرك : الأثر : الأجل وسمي به لأنه يتبع العمر . النهاية 1 / 23 . ب ) ويؤخرك إلى حين .
فدخل عليه ابن عباس وكان يعجب به فقال : اخرج فانظر من صاحبي ؟ ثم خرج فجاء فقال : أبشر يا أمير المؤمنين صاحبك أبو لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بن شعبة فكبر حتى خرج صوته من الباب ثم قال : الحمد لله الذي لم يجعله رجلا من المسلمين يحاجني بسجدة سجدها لله يوم القيامة ثم أقبل على القوم فقال : أكان هذا عن ملأ منكم ؟ فقالوا : معاذ الله والله لوددنا أنا فديناك بآبائنا وزدنا في عمرك من أعمارنا إنه ليس بك بأس .
فقال : أي يرفأ اسقني فجاءه بقدح فيه نبيذ حلو فشربه فألصق رداءه ببطنه فلما وقع الشراب في بطنه خرج من الطعنات فقالوا : الحمد لله هذا دم استكن في جوفك فأخرجه الله من جوفك قال : أي يرفأ اسقني لبنا فجاءه بلبن فشربه فلما وقع في جوفه خرج من الطعنات فلما رأوا ذلك علموا أنه هالك فقالوا : جزاك الله خيرا قد كنت تعمل فينا بكتاب الله وتتبع سنة صاحبيك لا تعدل عنها إلى غيرها جزاك الله أحسن الجزاء قال : أبالإمارة تغبطوني ؟ فوالله لوددت أني أنجو منها كفافا لا على ولا لي قوموا فتشاوروا في أمركم أمروا عليكم رجلا منكم فمن خالفه فاضربوا رأسه .
فقاموا وعبد الله بن عمر مسنده إلى صدره فقال عبد الله : أتؤمرون وأمير المؤمنين حي ؟ فقال عمر : لا وليصل صهيب - ثلاثا وانتظروا طلحة وتشاوروا في أمركم فأمروا عليكم رجلا منكم فمن خالفكم فاضربوا رأسه .
قال : اذهب إلى عائشة فاقرأ عليها مني السلام وقل : إن عمر يقول : إن كان ذلك لا يضر بك ولا يضيق عليك فإني أحب أن أدفن مع صاحبي وإن كان يضر بك ويضيق عليك فلعمري لقد دفن في هذا البقيع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأمهات المؤمنين من هو خير من عمر .
فجاءها الرسول فقالت : إن ذلك لا تضرني ولا يضيق علي قال : فادفنوني معهما قال عبد الله بن عمر : فجعل الموت يغشاه وأنا أمسكه إلى صدري قال : ويحك ضع رأسي بالأرض فأخذته غشية فوجدت من ذلك فأفاق فقال : ويحك ضع رأسي بالأرض فوضعت رأسه بالأرض فعفره بالتراب وقال : ويل عمر ويل عمر إن لم يغفر الله له .
( ش )