يحتمل وجهين وبكليهما قيل أحدهما أن ما معطوفة على قوله لاستكثرت أي ولما مسني السوء والثاني أن يكون الكلام مقطوعا تم في قوله لاستكثرت من الخير وابتدأ يخبر بنفي السوء عنه وهو الجنون الذي رموه به قال مؤرج السدوسي السوء الجنون بلغة هذيل وأما على التأويل الأول فلا يريد بالسوء الجنون ويترجح الثاني بنحو قوله سبحانه ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم الآية ولقوم يؤمنون يحتمل معنيين أحدهما أن يريد لقوم يطلب منهم الإيمان وهؤلاء الناس أجمع والثاني أن يخبر أنه نذير ويتم الكلام ثم يبتدئ يخبر أنه بشير للمؤمنين به ففي هذا وعد لمن حصل إيمانه .
وقوله جلت عظمته هو الذي خلقكم من نفس واحدة الآية قال جمهور المفسرين المراد بالنفس الواحدة آدم عليه السلام وبقوله وجعل منها زوجها حواء وقوله منها هو ما تقدم ذكره من أن آدم نام فاستخرجت قصرى اضلاعه وخلقت منها حواء .
وقوله ليسكن إليها أي ليأنس ويطمئن وكان هذا كله في الجنة ثم ابتدأ بحالة أخرى وهي في الدنيا بعد هبوطهما فقال فلما تغشاها أي غشيها وهي كناية عن الجماع والحمل الخفيف هو المني الذي تحمله المرأة في رحمها .
وقوله فمرت به أي استمرت به وقرأ ابن عباس فاستمرت به وقرأ ابن مسعود فاستمرت بحملها وقرأ عبد الله ابن عمرو بن العاص فمارت به أي جاءت به وذهبت وتصرفت كما تقول مارت الريح مورا واثقلت دخلت في الثقل كما تقول أصبح وأمسى والضمير في قوله دعوا على هذا التأويل عائد على آدم وحواء وروي في قصص ذلك أن الشيطان أشار على حواء أن تسمي هذا المولود عبد الحارث وهو اسم إبليس وقال لها أن لم تفعلي قتلته فزعموا أنهما أطاعاه حرصا على حياة المولود فهذا هو الشرك الذي جعلا لله في التسمية فقط وقال الطبري والسدي في قوله فتعالى الله عما يشركون