الوجحهين عند أصحابنا يعني الشافعية أن موضع السجدة لا يسأمون كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة ووجهه أنها تمام المعنى على أسلوب اسجد فإن الإستكبار عنه مذموم وعلله بعضهم بالإحتياط لأنها إن كانت عند تعبدون جاز التأخير لقصر الفصل وإن كانت عند يسأمون لم يجز تعجيلها فإن استكبروا تعاظموا عن اجتناب ما نهوا عنه من السجود لتلك المخلوقات وامتثال ما أمروا به من السجود لخالقهن فلا يعبأ بهم أو فلا يخل ذلك بعظمة ربك فالذين عند ربك أي في حضرة قدسه D من الملائكة عليهم السلام الذين هم خير منهم يسبحون له بالليل والنهار أي دائما وإن لم يكن عندهم ليل ونهار وهم لا يسئمون .
38 .
- لا يملكون ذلك وجواب الشرط في الحقيقة ما أشرنا إليه أو نحوه وما ذكر قائم مقامه ويجوز إن يكون الكلام على معنى الإخبار كما قيل في نحو إن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس إنه على معنى فأخبرك إني قد أكرمتك أمس .
وقريء لا يسأمون بكسر الياء والظاهر أن الآية في أناس من الكفرة كانوا يسجدون للشمس والقمر كالصابئين في عبادتهم الكواكب ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله تعالى فنهوا عن هذه الواسطة وأمروا أن يقصدوا بسجودهم وجه الله تعالى خالصا واستدل الشيخ أبو إسحاق في المهذب بالآية على صلاتي الكسوف والخسوف قال : لأنه لا صلاة تتعلق بالشمس والقمر غيرهما وأخذ من ذلك تفضيلهما على صلاة الإستسقاء لكونهما في القرآن بخلافها ومن آياته أنك ترى يا من تصح منه الرؤية : الأرض خاشعة يابسة متعاطفة مستعار من الخشوع بمعنى التذلل فإذا أنزلنا عليها الماء أي المطر اهتزت وربت أي تحركت بالنبات وانتفخت لأن النبت إذا دنا أن يظهر ارتفعت له الأرض وانتفخت ثم تصدعت عن النبات ويجوز أن يكون في الكلام استعارة تمثيلية شبه حال جدوبة الأرض وخلوها عن النبات ثم إحياء الله تعالى إياها بالمطر وانقلابها من الجدوبة إلى الخصب وإنبات كل زوج بهيج بحال شخص كئيب كاسف البال رث الهيئة لا يؤبه به إذا أصابه شيء من متاع الدنيا وزينتها تكلف بأنواع الزينة والزخارف فيختال في مشيه زهورا فيهتز بالأعطاف خيلاء وكبرا فحذف المشبه واستعمل الخشوع والإهتزاز دلالة على مكانه ورجح اعتبار التمثيل وقريء ربأت أي زادت وقال الزجاج : معنى ربت عظمت وربأت بالهز ارتفعت ومنه الربيئة وهي طليعة على الموضع المرتفع إن الذي أحياها بما ذكر بعد موتها لمحي الموتى بالبعث أنه على كل شيء من الأشياء التي من جملتها الإحياء قدير .
39 .
- مبالغة في القدرة .
إن الذين يلحدون في آياتنا ينحرفون في تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والإستقامة فيحملونها على المحامل الباطلة وهو مراد ابن عباس بقوله : يضعون الكلام في غير موضعه وأصله من الحد إذا مال عن الإستقامة فحفر في شق ويقال لحد وقريء يلحدون ويلحدون باللغتين وقال قتادة : هنا الإلحاد التكذيب وقال مجاهد : المكاء والصفير واللغو فالمعنى يميلون عما ينبغي ويليق في شأن آياتنا فيكذبون القرآن أو فيلغون ويصفرون عند قراءته وجوز أن يراد بالآيات ما يشمل جميع الكتب المنزلة وبالإلحاد ما يشمل تغيير اللفظ وتبديله لكن ذلك بالنسبة إلى غير القرآن لأنه لم يقع فيه كما وقع في غيره من الكتب على ما هو الشائع .
وعن أبي مالك تفسير الآيات بالأدلة فالإلحاد في شأنها الطعن في دلالتها والإعراض عنها وهذا أوفق بقوله تعالى :