وقيل يستععون القول أو أمر الله تعالى فيتبعون أحسنها نحو القصاص والعفو والإنتصار والإغضاء والإبداء والإخفاء لقوله تعالى وأن تعفوا أقرب للتقوى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم والفرق بين الوجهين أن هذا أخص لأنه مخصوص بأوامر فيها تخيير بين راجح كالعفو والقصاص مثلا كأنه قيل يتبعون أحسن القولين الواردين في معين وفي الأول يتبعون الأحسن من القولين مطلقا كالإيجاب بالنسبة إلى الندب مثلا .
وعن الزجاج يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن وقيل يستمعون القول ممن كان فيتبعون أولاه بالقبول وأرشده إلى الحق ويلزم من وصفهم بذلك أنهم يميزون القبيح من الحسن ويجتنبون القبيح وأريد بهؤلاء العباد الذين اجتنبوا وأنابوا لا غيرهم لئلا ينفك النظم فإن قوله تعالى فبشر مرتب على قوله سبحانه لهم البشرى ووضع الظاهر موضع الضمير ليشرفهم تعالى بالإضافة إليه ولتكرير بيان الإستحقاق وليدل على أنهم نقادون حرصا على إيثار الطاعة ومزيد القرب عند الله تعالى وفيه تحقيق للإنابة وتتميم حسن وقيل الوقف عبادي فيكون الذين مبتدأ خبره جملة قوله تعالى أولئك الذين هداهم الله أي لدينه والكلام استئناف بإعادة صفة من استؤنف عنه الحديث وما تقدم أرجح لما سلف من الفوائد من إقامة الظاهر مقام المضمر والتتميم فإن ذلك دون الوصف لا يتم ولأن محرك السؤال المجاب بالجملة بعد قوله تعالى : يتبعوا أحسنه أقوى وذلك الأصل في حسن الإستئناف وأولئك أولوا الألباب .
18 .
- أي هم أصحاب العقول السليمة عن معارضة الوهم ومنازعة الهوى المستحقون للهداية لا غيرهم وفي الآية دلالة على حط قدر التقليد المحض ولذا قيل : شمر وكن في أمور الدين مجتهدا ولا تكن مثل عير قيد فانقادا واستدل بها على أن الهداية تحصل بفعل الله تعالى وقبول النفس لها كما ذهب إليه الأشاعرة وقوله تعالى : أفمن حق هليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار .
19 .
- بيان لأضداد المذكورين على طريقة الإجمال وتسجيل عليهم بحرمان الهداية وهم عبدة الطاغوت ومتبعوا خطواتها كما يلوح به التعبير عنهم بمن حق عليه كلمة العذاب فإن المراد بتلك الكلمة قوله تعالى لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين والآية على ما قيل نزلت في أبي جهل وأضرابه والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر ومن شرطية على ما ذهب إليه الحوفي وغيره وجواب الشرط فأنت تنقذ الخ والهمزة قبله لاستطالة الكلام على نحو قوله : لقد علم الحزب اليمانيون أنني إذا قلت أما بعد أني خطيبها لأن دخول الهمزة في الجواب أو الشرط كاف تقول : أإن أكرمك تكرمه كما تقول إن أكرمك أتكرمه ولا تكررها فيهما إلا للتأكيد لأن الجملتين أعني الشرط والجزاء بعد دخول الأداة مفردان والإستفهام إنما يتوجه على مضامين الجمل إذا كان المطلوب تصديقا والإنكار المفاد بالهمزة متعلق بمضمون المعطوف والمعطوف عليه إلا أن المقصود في المعطوف إنكار الجزاء والتقدير أأنت مالك أمر الناس قادر على التصرف فيه فمن حق عليه العذاب فأنت تنقذه على معنى لست أنت مالك أمر الناس ولا أنت تقدر على الإنقاذ بل المالك والقادر على الأنقاذ هو الله D وعدل عن فأنت تنقذه إلى ما في النظم الكريم لمزيد تشديد الإنكار والإستبعاد والقادر على الإنقاذ هو الله D وعدل عن فأنت تنقذه إلى ما في النظم الكريم لمزيد تشديد الإنكار والإستبعاد مع ما فيه من الإشارة إلى أنه نزل استحقاقهم للعذاب وهم في الدنيا المشعر به الشرط