ان المراد بالذين يعلمون العاملون من علماء الديانة وصرح بإرادة ذلك بعض الأجلة على تقديري الإتصال والإنقطاع وأن الكلام تصريح بنفي المساواة بين القانت وغيره المضمنة من حرفي الإستفهام أعني الهمزة وأم على الإتصال أو من التشبيه على الإنقطاع وعلى قراءة التخفيف أيضا قال : وإنما عدل إلى هذه العبارة دلالة على أن ذلك مقتضى العلم وأن الذي لا يترتب عليه العمل ليس بعلم عند الله تعالى سواء جعل من باب إقامة الظاهر مقام المضمر للإشعار المذكور أو استئناف سؤال تبكيتي توضيحا للأول من حيث التصريح ومن حيث أنهم وصفوا بوصف آخر يقتضي اتصافهم بتلك الأوصاف ومباينتهم لطبقة من لا يتصف وهذا أبلغ لفظا لقوله تعالى : قل وجوز أن يكون الكلام واردا على سبيل التشبيه فيكون مقررا لنفي المساواة لا تصريحا بمقتضى الأول أي كما لا استواء بين العالم وغيره عندكم من غير ريبة فكذلك ينبغي أن لا يكون لكم ارتياب في نفي المساواة بين القانت المذكور وغيره وكونه للتصريح بنفي المساواة وحمل الذين يعملون على العاملين من علماء الديانة على ما سمعت مما لا ينبغي أن يختاره غيره لتكثير الفائدة وأما من ارتاب في ذلك الواضح فلا يبعد منه الإرتياب في هذا الواضح أيضا فجوابه أن الإستنكاف عن الجهل مركوز في الطباع بخلاف الأول ويشعر كلام كثير أن قوله تعالى : أم من هو الخ غير داخل في حيز القول والمعنى عليه كما في الأول بتغيير يسير لا يخفى وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه تلا أم من هو قانت الآية فقال : نزلت في عثمان بن عفان وأخرج ابن سعد في طبقاته وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس أنها نزلت في عمار بن ياسر وأخرج جويبر عنه أنها نزلت في عمار وابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وعن عكرمة الإقتصار على عمار وعن مقاتل المراد بمن هو قانت عمار وصهيب وابن مسعود وأبو ذر وفي رواية الضحاك عن ابن عباس أبو بكر وعمر وقال يحيى بن سلام : رسول الله صلى الله عليه وسلّم والظاهر أن المراد المتصف بذلك من غير تعيين ولا يمنع من ذلك نزولها فيمن علمت وفيها دلالة على فضل الخوف والرجاء وقد أخرج الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس قال : دخل رسول الله A على رجل وهو في الموت فقال : كيف تجدك قال : أرجو وأخاف فقال E : لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الذي يرجو وآمنه الذي يخاف وفيها رد على من ذم العبادة خوفا من النار ورجاء الجنة وهو الإمام الرازي كما قال الجلال السيوطي نعم العبادة لذلك ليس إلا مذمومة بل قال بعضهم بكفر من قال : لو لا الجنة والنار ما عبدت الله تعالى على معنى نفي الإستحقاق الذاتي وفيها دلالة أيضا على فضل صلاة الليل وأنها أفضل من صلاة النهار ودل قوله تعالى : هل يستوي الخ على فضل العلم ورفعه قدره وكون الجهل بالعكس واستدل به بعضهم على أن الجاهل لا يكافيء العالمة كما أنه لا يكافيء بنت العالم وقوله تعالى : إنما يتذكروا أولوا الألباب .
9 .
- كلام مستقل غير داخل عند الكافة في الكلام المأمور وارد من جهته تعالى بعد الأمر بما تضمن القوارع الزاجرة عن الكفر والمعاصي لبيان عدم تأثيرها في قلوب الكفرة لاختلال عقولهم كما في قوله : عوجوا فحيوا لنعمى دمنة الدار ماذا تحيون من نؤي وأحجار وهو أيضا كالتوطئة لأفراد المؤمنين بعد بالخطاب والإعراض عن غيرهم أي إنما يتعظ بهذه البيانات الواضحة أصحاب العقول الخالصة عن شوائب الخلل وأما هؤلاء فبمعزل عن ذلك وقريء يذكر بالإدغام