على الغيبة كذا قيل والأظهر أن الخطاب خاص وصيغة المضارع للدلالة على التدرج والتجدد وقوله تعالى : خلقا من بعد خلق مصدر مؤكد أن تعلق من بعد بالفعل وإلا فغير مؤكد يخلقكم فيها خلقا مدرجا حيوانا سويا من بعد عظام مكسوة لحما من بعد عظام عارية من بعد مضغ غير مخلقة من بعد علقة من بعد نطفة فقوله سبحانه : خلقنا من بعد خلق لمجرد التكرير كما يقال مرة بعد مرة لا أنه مخصوص بخلقين وقرأ عيسى وطلحة يخلقكم بإدغام القاف في الكاف في ظلمات ثلاث ظلمة البطن والرحم والمشيمة وقيل ظلمة الصلب والبطن والرحم والجار والمجرور متعلق بيخلقكم وجوز الشهاب تعلقه بخلقا بناء علىأنه غير مؤكد وكونه بدلا من قوله تعالى : في بطون أمهاتكم ذلكم الله ربكم إشارة إليه تعالى باعتبار أفعاله المذكورة على وجه يدل على بعد منزلته العظيمة والكبرياء واسم الإشارىة مبتدأ والاسم الجليل خبره و ربكم خبر بعد خبر أو الاسم الجليل نعت أو بدل وهو الخبر أي ذلكم العظيم الشأن الذي عددت أفعاله الله مربيكم فيما ذكر من الأطوار وفيما بعدها ومالككم المستحق لتخصيص العبادة به سبحانه له الملك على الإطلاق في الدنيا والآخرة ليس لغيره تعالى شركة ما في ذلك بوجه من الوجوه والجملة خبر آخر وقوله تعالى : لا إله إلا هو جملة متفرعة على ما قبلها ولم يصرح معها بالفاء التفريعية اعتمادا على فهم السامع وفي إرشاد العقل السليم أنه خبر آخر والفاء في قوله تعالى : فإنى تصرفون .
6 .
- لترتيب ما بعدها على ما ذكر من شؤنه D أي فكيف تصوفون عن عبادته تعالى مع وفور موجباتها ودواعيها وانتفاء الصارف عنها بالكلية إلى عبادة غيره سبحانه من غير داع إليها مع كثرة الصوارف عنها .
إن تكفروا به تعالى مع مشاهدة ما ذكر من موجبات الإيمان والشمر فإن الله غني عنكم أي فأخبركم أنه D غني عن إيمانكم وشكركم غير متأثر من انتفائهما ولا يرضى لعباده الكفر لما فيه من الضرر عليهم وإن تشكروا يرضه أي الشكر لكم لما فيه من نفعكم ومن قال بالحسن والقبح العقليين قال : عدم الرضا بالكفر لقبحه العقلي والرضا بالشكر لحسنه العقلي والرضا إما بمعنى المحبة أو بمعنى الإرادة مع ترك الإعتراض ويقابله السخط كما في شرح المسايرة فعباده على ظاهره من العموم ومنهم من فسره بالإرادة من غير قيد ويقابله الكره وهؤلاء يقولون قد يرضى بالكفر أي يريده لبعض الناس كالكفرة ونقله السخاوي عن النووي في كتابه الأصول والضوابط وابن الهمام عن الأشعري وإمام الحرمين كذا قاله الخفاجي في حواشيه على تفسير البيضاوي والذي رأيته في الضوابط وهي نسخة صغيرة جدا ما نصه مسئلة مذهب أهل الحق الإيماء بالقدر وإثباته وأن جميع الكائنات خيرها وشرها بقضاء الله تعالى وقدره وهو مريد لها كلها ويكره المعاصي مع أنه سبحانه مريد لها لحكمة يعلمها جل وعلا وهل يقال إنه تعالى يرضى المعاضي ويحبها فيه مذهبان لأصحابنا المتكلمين حكاهما إمام الحرمين وغيره وقال إمام الحرمين في الإرشاد : مما اختلف فيه أهل الحق إطلاق المحبة والرضاء فقال بعض أصحابنا لا يطلق القول بأن الله تعالى يحب المعاصي ويرضاها لقوله تعالى ولا يرضى لعباده الكفر ومن حقق من أءتنا لم يلتفت إلى تهويل المعتزلة