إلى المنطوق ومجازا بالنظر إلى المعرض به ويكون من باب الجمع بين الحقيقة والمجاز وقد جوزه من جوزه .
وقيل : لا يبعد جعل ليجزي إلخ تعليلا للمنطوق المقيد بالمعرض به فكأنه قيل : ما بدلوا كغيرهم ليجزيهم بصدقهم ويعذب غيرهم إن لم يتب وأنه يظهر بحسن صنيعهم قبح غيره وبضدها تتبين الأشياء وقيل : تعليل لصدقوا وحكى ذلك عن الزجاج وقيل : لما يفهم من قوله تعالى : وما زادهم إلا إيمانا وتسليما وقيل : لما يستفاد من قوله تعالى : ولما رأى المؤمنون الأحزاب كأنه قيل : إبتلاهم الله تعالى برؤية ذلك الخطب ليجزي الآية وأختاره الطيبي قائلا إنه طريق أسهل مأخذا وأبعد عن التعسف وأقرب إلى المقصود من جعله تعليلا للمنطوق والمنعرض به وأختار شيخ الإسلام كونه متعلقا بمحذوف والكلام مستأنف مسوق بطريق الفذلكة لبيان ما هو داع إلى وقوع ما حكى من الأقوال والأفعال على التفصيل وغاية كما في قوله تعالى : ليسأل الصادقين عن صدقهم كأنه قيل وقع جميع ما وقع ليجزي الله إلخ وهو عندي حسن وإن كان فيه حذف فتأمل ذاك والله تعالى يتولى هداك إن الله كان غفورا رحيما 42 أي لمن تاب وهذا إعتراض فيه بعث إلى التوبة .
وقوله سبحانه : ورد الله إلخ رجوع إلى حكاية بقية القصة وتفصيل لتتمة النعمة المشار إليها إجمالا بقوله تعالى : فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وهو معطوف على أرسلنا وقد وسط بينهما بيان كون ما نزل بهم واقعة طامة تحيرت بها العقول والإفهام وداهية تحاكت فيها الركب وزلت الأقدام وتفصيل ما صدر عن فريقي أهل الإيمان وأهل الكفر والنفاق من الأحوال والأقوال لإظهار عظم النعمة وإبانة خطرها الجليل ببيان وصولها إليهم عند غاية إحتياجهم إليها أي فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ورددنا بذلك الذين كفروا والإلتفات إلى الأسم الجليل لتربية المهابة وإدخال الروعة وجوز شيخ الإسلام ولعل صنيعه يشير إلى أولويته حيث بدأبه كونه معطوفا على المقدر قبل : ليجزي الله كأنه قيل إثر حكاية الأمور المذكورة وقع ما وقع من الحوادث ورد الله الذين كفروا وقيل هو معطوف من حيث المعنى على قوله تعالى ليجزي كأنه قيل فكان عاقبة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه أن جزاهم الله تعالى بصدقهم ورد أعدائهم وهذا الرد من جملة جزائهم على صدقهم وهو كما ترى والمراد بالذين كفروا الأحزاب على ما روى غير واحد عن مجاهد والظاهر أنه عني المشركين واليهود الذين تحزبوا .
وأخرج إبن أبي حاتم عن السدي أنه فسر ذلك بأبي سفيان وأصحابه ولعله الأولى وعلى القولين المراد رد الله الذين كفروا من محل إجتماعهم حول المدينة وتحزبهم إلى مساكنهم بغيظهم حال من الموصول لا من ضمير كفروا والباء للملابسة أي ملتبسين بغيظهم وهو أشد الغضب وقوله تعالى : لم ينالوا خيرا حال من ذاك أيضا أو من ضمير بغيظهم أي غير ظافرين بخير أصلا وفسر بعضهم الخبر بالظفر بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمؤمنين وإطلاق الخير عليه مبني على زعمهم وفسره بعضهم بالمال كما في قوله تعالى : وإنه لحب الخير لشديد والأولى أن يراد به كل خير عندهم فالنكرة في سياق النفي تعم وجوز أن تكون الجملة مستأنفة لبيان غيظهم أو بدلا وكفى الله المؤمنين القتال أي وقاهم سبحانه ذلك و كفى هذه تتعدى لإثنين وقيل : هي بمعنى أغنى وتتعدى إلى مفعول واحد .
والكلام هنا على الحذف والإيصال والأصل وكفى الله المؤمنين عن القتال أي أغناهم سبحانه عنه ولا وجه له