وقريء بالأعمال في قوله تعالى في سورة الإسراء : وإذا لا يلبثوا خلافك وقريء لا يمتعون بياء الغيبة .
قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة إستفهام في معنى النفي أي لا أحد يمنعكم من الله عزوجل وقدره جل جلاله إن خيرا وإن شرا فجعلت الرحمة قرينة السوء في العصمة مع أنه لا عصمة إلا من السوء لما في العصمة من معنى المنع وجوز أن يكون في الكلام تقدير والأصل قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة فأختصر نظير قوله : ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا فإنه أراد وحاملا أو ومعتقلا رمحا ويجري نحو التوجيه السابق في الآية وجوز الطيبي أن يكون المعنى من الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو من الذي يمنع رحمة الله منكم إن أراد بكم رحمة وقرينة التقدير ما في يعصمكم من معنى المنع وأختير الأول لسلامته عن حذف جملة بلا ضرورة .
ولا يجدون لهم من دون الله وليا ينفعهم ولا نصيرا 71 يدفع الضرر عنهم والمراد الأولى فيجدوه إلخ فهو كقوله : .
ولا ترى الضب بها ينجحر .
وهو معطوف على ما قبله بحسب المعنى فكأنه قيل : لا عاصم لهم ولا ولي ولا نصير أو الجملة حالية .
قد يعلم الله المعوقين منكم أي المثبطين عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا أي أقبلوا إلينا أو قربوا أنفسكم إلينا قال إبن السائب : الآية في عبدالله إبن أبي ومعتب بن قشير ومن رجع من المنافقين من الخندق إلى المدينة كانوا إذا جاءهم المنافق قالوا له : ويحك أجلس ولا تخرج ويكتبون إلى إخوانهم في العسكر أن أئتونا فإنا ننتظركم وقال قتادة : هي في المنافقين كانوا يقولون لإخوانهم من ساكني المدينة من أنصار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ما محمد E وأصحابه إلا أكلة رأس ولو كانوا لحما لألتهمهم أبو سفيان وأصحابه فخلوهم .
وأخرج إبن أبي حاتم عن إبن زيد قال : أنصرف رجل من عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم الأحزاب إلى شقيقه فوجد عنده شواء ونبيذا فقال له : أنت ههنا ورسول الله E بين الرماح والسيوف فقال : هلم إلي فقد أحيط بك وبصاحبك والذي يحلف به لا يستقبلها محمد أبدا فقال : كذبت والذي يحلف به لأخبرنه بأمرك فذهب ليخبره صلى الله تعالى عليه وسلم فوجد جبريل عليه السلام قد نزل بهذه الآية .
وقيل : هؤلاء اليهود كانوا يقولون لأهل المدينة : تعالوا إلينا وكونوا معنا وكأن المراد من أهل المدينة المنافقون منهم المعلوم نفاقهم عند اليهود و قد للتحقيق أو للتقليل وهو بإعتبار المتعلق و منكم بيان للمعوقين لا صلته كما أشير إليه والمراد بالإخوة التشارك في الصفة وهو النفاق على القول الأول والكفر بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم على القول الأخير والصحبة والجوار وسكنى المدينة على القول الثاني وكذا على القول الثالث فإن ذلك يجامع الأخوة في النسب وظاهر صيغة الجمع يقتضي أن الآية لم تنزل في ذينك الشقيقين وحدهما فلعلها نزلت فيهما وفي المنافقين القائلين ذلك والأنصار المخلصين المقول لهم وجواز كونها نزلت في جماعة من الإخوان في النسب مجرد إحتمال وأن كان له مستند سمعي فلتحمل الأخوة عليه على الآخوة