غاية كما جعل لنا شهوة الطعام لبقاء أشخاصنا إلى غاية ومجرد قضاء الشهوة لا ينبغي أن يكون إلا للبهائم وجعل بعضهم هذا الطلب كناية عن النهي عن العزل أو عن إتيان المحاش وبعض فسر من أول مرة ما كتب بما سن وشرع منصب الماء في محله أي طلب ذلك دون العزل والإتيان المذكورينوالمشهور حرمتهماأما الأول فالمذكور في الكتب فيه أنه لا يعزل الرجل عن الحرة بغير رضاها وعن الأمة المنكوحة بغير رضاها أو رضا سيدها على إختلاف بين الإمام وصاحبيه ولا بأس بالعزل عن أمته بغير رضاها إذ لا حق لها وأما الثاني فسيأتي بسط الكلام فيه على أتم وجه إن شاء الله تعالى وروى عن أنس رضي الله تعالى عنه تفسير ذلك بليلة القدر وحكى عن إبن عباس رضي الله تعالى عنه أيضا وعن قتادة أن المراد إبتغوا الرخصة التي كتب الله تعالى لكم فإن الله تعالى يحب أن تؤتي رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه وعليه تكون الجملة كالتأكيد لما قبلها وعن عطاء أنه سئل إبن عباس رضي الله تعالى عنهما كيف تقرأ هذه الآية إبتغوا أو أتبعوا فقال : أيهما شئت وعليك بالقراءة الأولى وكلوا وأشربوا الليل كله حتى يتبين أي يظهر لكم الخيط الأبيض وهو أول ما يبدو من الفجر الصادق المعترض في الأفق قبل إنتشاره وحمله على الفجر الكاذب المستطيل الممتد كذنب السرحان وهم من الخيط الأسود وهو ما يمتد مع بياض الفجر من ظلمة آخر الليل من الفجر بيان لأول الخيطينومنه يتبين الثانيوخصه بالبيان لأنه المقصود وقيل : بيان لهما بناءا على أن الفجر عبارة عن مجموعهما لقول الطائي : .
وأزرق الفجر يبدو قبل أبيضه .
فهو على وزان قولك : حتى يتبين العالم من الجاهل من القوم وبهذا البيان خرج الخيطان عن الإستعارة إلى التشبيه لأن شرطها عندهم تناسيه بالكلية وإدعاء أن المشبه هو المشبه به لولا القرينة والبيان ينادي على أن المرادمثل هذا الخيط وهذا الخيط إذ هما لا يحتاجان إليه وجوز أن تكون من تبعيضية لأن ما يبدو جزء من الفجر كما أنه فجر بناء على أنه أسم للقدر المشترك بين الكل والجزء و من الأولى قيل : لإبتداء للغاية وفيه أن الفعل المتعدي بها يكون ممتدا أو أصلا للشيء الممتد وعلامتها أن يحسن في مقابلتها إلى أو ما يفيد مفادهاوما هنا ليس كذلكفالظاهر أنها متعلقة ب يتبين بتضمين معنى التميز والمعنى حتى يتضح لكم الفجر متميزا عن غبش الليل فالغاية إباحة ما تقدم حتى يتبين أحدهما من الآخر ويميز بينهما ومن هذا وجه عدم الإكتفاء ب حتى يتبين لكم الفجر أو يتبين لكم الخيط الأبيض من الفجر لأن تبين الفجر له مراتب كثيرة فيصير الحكم مجملا محتاجا إلى البيان وما أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما قال : أنزلت وكلوا وأشربوا إلخ ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله تعالى بعد من الفجر فعلموا إنما يعني الليل والنهار فليس فيه نص على أن الآية قبل محتاجة إلى البيان بحيث لا يفهم منها المقصود إلا به وأن تأخير البيان عن وقت الحاجة جائز لجواز أن يكون الخيطان مشتهرين في المراد منهما إلا أنه صرح بالبيان لما ألتبس على بعضهم ويؤيد ذلك أنه وصف من لم يفهم المقصود من الآية قبل التصريح بالبلادة ولو كان الأمر موقوفا على البيان لأستوى فيه الذكي والبليد فقد أخرج سفيان بن عيينة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داؤد والترمذي وجماعة عن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه قال : لما أنزلت هذه الآية