الحال الماضية وكذا قيال في قوله تعالى : فتقول هل أدلكم على من يكفله أي يضمه إلى نفسه ويربيه .
فرجعناك إلى امك الفاء فصيحة أي فقالوا : دلينا على ذلك فجاءت بامك فرجعناك اليها كي تقر عينها بلقائك وقرئ تقر بكسر القاف وقرا جناح بن حبيش تقر بالبناء للمفعول ولا تحزن أي لا يطرأ عليها الحزن بفراقك بعد ذلك وإلا فزوال الحزن مقدم على السرور المعبر عن بقرة العين فان التخلية مقدمة على التحلية وقيل : الضمير المستتر في تحزن لموسى عليه السلام أي ولا تحزن انت بفقد اشفاقها وهذا وان لم يأبه النظم الكريم إلا أن حزن الطفل غير ظاهر وما في سورة القصص يقتضى الأول والقرآن يفسر بعضه بعضا .
أخرج جماعة من خبر طويل عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن آسية حين أخرجت موسى عليه السلام من التابوت واستوهبته من فرعون فوهبه لها ارسلت إلى من حولها من كل امراة لها لبن لتختار لها ظئرا فلم يقبل ثدى واحدة منهن حتى اشفقت أن يمتنع من اللبن فيموت فاحزنها ذلك فأمرت به فأخرج إلى السوق مجمع الناس ترجو أن تجد له ظئرا ياخذ ثديها فلم يفعل واصبحت أمه والهة وقالت لاخته : قصى اثره واطلبيه هل تسمعين له ذكرا احى ابنى ام قد اكلته الدواب ونسيت الذي كان وعدها الله تعالى فبصرت به عن جنب فقالت من الفرح : انا أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فاخذوها فقالوا : وما يدريك ما نصحهم له هل يعرفونه وشكوا في ذلك فقالت : نصحهم له وشفقتهم عليه لرغبتهم في رضا الملك والتقرب اليه فتركوها وسالوها الدلالة فانطلق إلى أمه فاخبرتها الخبر فجاءت فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها فمصه حتى امتلاء جنباه ريا وانطلق البشرى إلى امراة فرعون يبشرونها أن قد وجدنا لابنك ظئرا فاارسلت اليها فاتيت بها وبه فلما رات ما يصنع بها قالت لها : امكثى عندى ارضعى ابنى هذا فانى لم احب حبه شيئا قط قالت : لا استطيع أن أدع بيتى وولدى فيضيع فان طابت نفسك أن تعطينيه فاذهب به إلى بيتى فيكون معى لا الوه خيرا فعلت وإلا فانى غير تاركه بيتى وولدى فذكرت ام موسى ماكان الله D وعدها فتعاسرت على امراة فرعون لذلك وايقنة أن الله D منجز وعده فرجعت بابنها إلى بيتها من يومها فانبته الله تعالى نباتا حسنا وحفظه لما قد قضى فيه فلما ترعرع قالت امراة فرعون لأنه ارينى ابنى فوعدتها يوما تزورها به فيه فقالت لخزانها وقهارمتها : لا يبقى منكم أحد إلا استقبل ابنى بهدية وكرأمه ارى ذلك فيه وانا باعثه أمينه يحصى ما صنع كل انسان منكم فلم تزل الهدايا والنحل والكرامة تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن دخل عليها فلما دخل اكرمته ونحلته وفرحت به ونحلت أمه لحسن اثرها عليه ثم انطلقت به إلى فرعون لينحله وليكرمه فكان ما تقدم من جلب لحيته ومن هذا الخبر يعلم أن المراد إذ تمشى أختك في الطريق لطلبك وتحقيق امرك فتقول : لمن انت بايديهم يطلبون لك ظئرا ترضعك هل أدلكم الخ .
وفي روايه أنه لما اخذ من التابوت فشا الخبر بأن آل فرعون وجدو غلاما في النيل لا يرتضع ثدى امراة واضطروا إلى تتبع النساء فخرجت اخته لتعرف خبره فجاءتهم متنكره فقالت ما قالت وقالوا ما قالوا فالمراد على هذا إذ تمشى اختك إلى بيت فرعون فتقول إلى فرعون واسية أو لاسية هل أدلكم الخ