وقال أبو حيان نص أصحابنا على أن حذف خبر كان وأخواتها لا يجوز وإن دل الدليل على حذفه إلا ما جاء في الشعر من قوله ... . لهفي عليك كلهفة من خائف ... يبغي جوارك حين ليس مجير ... .
أي حين ليس في الدنيا وجوز الزمخشري وأبو البقاء أن يكون الأصل لا يبرح سيري حتى أبلغ فالخبر متعلق حتى مع مجرورها فحذف المضاف إليه وهو سير فانقلب الضمير من البروز والجر إلى الرفع والاستتار وانقلب الفعل من الغيبة إلى التكلم قيل وكذا الفعل الواقع في الخبر وهو أبلغ كأن أصله يبلغ ليحصل الربط والاسناد مجازي وإلا يخل الخبر من الرابط إلا أن يقدر حتى أبلغ به أو يقال إن الضمير المستتر في كائن يكفي للربط أو أن وجود الربط بعد التغيير صورة يكفي فيه وإن كان المقدر في قوة المذكور وعندي لا لطف في هذا الوجه وإن استلطفه الزمخشري .
وجوز أيضا أن يكون أبرح من برح التام كزال يزول فلا يحتاج إلى خبر نعم قيل لا بد من تقدير مفعول ليتم المعنى أي لا أفارق ما أنا بصدده حتى أبلغ مجمع البحرين وتعقبه في البحر بأنه يحتاج إلى صحة نقل والمجمع الملتقى وهو اسم مكان وقيل مصدر وليس بذاك والبحران بحر فارس والروم كما روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما وملتقاهما مما يلي المشرق ولعل المراد مكان يقرب فيه التقاؤهما وإلا فهما لا يلتقيان إلا في البحر والمحيط وهما شعبتان منه .
وذكر أبو حيان أن مجمع البحرين على ما يقتضيه كلام ابن عطية مما يلي بر الشام وقالت فرقة منهم محمد بن كعب القرظي هو عند طنجة حيث يجتمع البحر المحيط والبحر الخارج منه من دبور إلى صبا وعن أبي أنه بافريقية وقيل البحران الكر والرس بأرمينية وروى ذلك عن السدي وقيل بحر القلزم وبحر الأزرق وقيل هما بحر ملح وبحر عذب وملتقاهما في الجزيرة الخضراء في جهة المغرب وقيل هما مجاز عن موسى والخضر عليهما السلام لأنهما بحرا علم والمراد بملتقاهما مكان يتفق فيه اجتماعهما وهو تأويل صوفي والسياق ينبو عنه وكذا قوله تعالى حتى أبلغ إذ الظاهر عليه أن يقال حتى يجتمع البحران مثلا .
وقرأ الضحاك وعبد الله بن مسلم بن يسار مجمع بكسر الميم الثانية والنضر عن ابن مسلم مجمع بالكسر لكلا الحرفين وهو شاذ على القراءتين لأن قياس اسم المكان والزمان من فعل يفعل بفتح العين فيهما الفتح كما في قراءة الجمهور أو أمضى حقبا عطف على أبلغ وأو لأحد الشيئين والمعنى حتى يقع أما بلوغي المجمع أو مضى حقبا أي سيري زمانا طويلا .
وجوز أن تكون أو بمعنى إلا والفعل منصوب بعدها بأن مقدرة والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال أي لا زلت أسير في كل حال حتى أبلغ إلا أن أمضي زمانا أتيقن معه فوات المجمع ونقل أبو حيان جواز أن تكون بمعنى إلى وليس بشيء لأنه يقتضي جزمه ببلوغ المجمع بعد سيره حقبا وليس بمراد والحقب بضمتين ويقال بضم فسكون وبذلك قرأ الضحاك اسم مفرد وجمعه كما في القاموس أحقب وأحقاب وفي الصحاح أن الحقب بالضم يجمع على حقاب مثل قف وقفاف وهو على ما روي عن ابن عباس وجماعة من اللغويين الدهر