وروى مسلم وغيره لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه وروى البيهقي في الدلائل والطبراني في الأوسط والصغير بسند فيه من لا يعرف عن جابر قال : جاء رجل إلى النبي فقال : يا رسول الله إن أبي أخذ مالي فقال النبي E : فاذهب فأتني بأبيك فنزل جبريل عليه السلام على النبي فقال : إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول : إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه فلما جاء الشيخ قال له النبي : ما بال ابنك يشكوك تريد أن تأخذ ماله قال : سله يا رسول الله هل أنفقته إلا على عماته وخالاته أو على نفسي فقال النبي : ايه دعنا من هذا أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك فقال الشيخ : والله يا رسول الله ما يزال الله تعالى يزيدنا بك يقينا لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي فقال : قل وأنا أسمع فقال : قلت غذوتك مولودا ومنتك يافعا تعل بما أجنى عليك وتنهل إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا ساهرا أتملل كأني أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني فعيني تهمل تخاف الردى نفسي عليك وإنها لتعلم أن الموت وقت مؤجل فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما كنت فيها أؤمل جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل تراه معدا للخلاف كأنه برد على أهل الصواب موكل قال : فحينئذ أخذ النبي بتلابيب ابنه وقال : أنت ومالك لأبيك والأم مقدمة في البر على الأب فقد روى الشيخان يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال : أمك قال : ثم من قال : أمك قال : ثم من قال : أمك قال : ثم من قال : أبوك ولا يختص البر بالحياة بل يكون بعد الموت أيضا فقد روى ابن ماجة يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما قال : نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإيفاء عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما ورواه ابن حبان في صحيحه بزيادة قال الرجل : ما أكثر هذا يا رسول الله وأطيبه قال : فاعمل به .
وأخرج البيهقي عن أنس قال : قال رسول الله إن العبد ليموت والداه أو أحدهما وإنه لهما لعاق فلا يزال يدعو لهما ويستغفر لهما حتى يكتبه الله تعالى بارا وأخرج عن الأوزاعي قال : بلغني أن من عق والديه في حياتهما ثم قضى دينا إن كان عليهما واستغفر لهما ولم يستسب لهما كتب بارا ومن بر والديه في حياتهما ثم لم يقض دينا إن كان عليهما ولم يستغفر لهما واستسب لهما كتب عاقا وأخرج هو أيضا وابن أبي الدنيا عن محمد بن النعمان يرفعه إلى النبي قال : من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر له وكتب برا .
وروى مسلم أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لقيه رجل بطريق مكة فسلم عليه ابن عمر وحمله على حمار كان يركبه وأعطاه عمامة كانت على رأسه فقال ابن دينار فقلت له : أصلحك الله تعالى إنهم الأعراب وهم يرضون باليسير فقال : إن أبا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب وإني سمعت رسول الله يقول إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه