المفاد بلما لعلم الإعجاز لزم أن يكون بالنسبة إلى حالهم الأولى وهو التكذيب قبل العلم فإن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يتوقع زواله بالعلم ويكون معنىالمبالغة في لما الإشعار بإستغراق الوقت للتكديب إلى زمان التأويل المنتظر الواقع الذي كذبوا فيه عنادا وبغيا .
الوجه الثاني حمل التأويل على المعنى الثاني الذي ذكرناه والمعنى بل سارعوا إلى التكذيب قبل الإحاطة بعلمه ليعرفوا إعجاز نظمه وقيل : إتيانالتأويل المنتظر وهو ما يؤول إليه من الصدق في الأخبار بالمغيبات والمقصود من هذا ذمهم بالتسارع إلى التكديب من الوجهتين لكن لما كانمع الوجهين علم ما يتضمنه لو يدبروا لم يكن فيه شيء منتظر والثاني لما لم يكن كذلك كان فيه أمر منتظر وأتى بحرف التوقع دليلا عن أن هذا المنتظر كائن وسيظهر أنهم مبطلون فيه أيضا كالأول ولا نظر إلى أنهم مذمومون حالتي العناد والتقليد بل المقصود كمال إظهار الإلزام بأنه مفروغ عنه مع أمثالهم للتهافت المذكور .
الوجه الثالث أن أم يقولون افتراه ذم لطائفة كذبوا عن علم وهذا ذم لأخرى كذبت عن شك ولما وجد فيما بينهم القسمان أسند الكل إلى الكل وليس دعا في القرآن والغرض من الإضراب تعميم التكذيب وإنه كانالواجب على الشاك التوقف لا التسرع إلى التكذيب ومعنى التوقع أنه سيزول شكهم فسيعلم بعضهم ويبقى بعض على ما هو عليه والأية ساكتة عن التفصيل ناطقة بزوال الشك ولا خفاء أن الشاك ينتظر وكذلك كان A يتوقع زوال شكهم إنتهى ولا يخفى أن ما نقلنا أولا أولى بالقبول عند ذوي العقول .
وأورد على دعوى أن أم يقولون افتراه تكذيب بعد العلم أنها ناشئةمن عدم العلم وما سيق لإثباتها في حيز المنع فإن الإلتزام بعد التحدي وذلك القول قبله وكونه مسبوقا بالتحدي الوارد في سورة البقرة يرده أنها مدنية وهذه مكية .
نعم ربما يقال في الإستدلال على كون ذلك القول بعد العلم بوقوع حكايته في النظم الكريم بعد حكاية الإشارة إلى مضمونه بقوله تعالى : قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله ورده بما سمعته هناك حسبما قرره الجمهور وبيان ذلك أنهم نقل عنهم أولا الإشارة إلى نسبة الإفتراء إلى سيد الصادقين A ثم نقل عنهم التصريح بذلك والظاهر أن الأمر حسبما نقل لكثرة وقوع التصريح بعد الإشارة وتخلل رد ما أشاروا إليه في البين فيحتمل أنهم عقلوه وعملوا الحق لكنهم لم يقروا به عنادا وبغيا فصرحوا بما صرحوا فيكون ذلك منهم بعد العلمولترقيهم من الإشارة إلى التصريح ترقي في إلزامهم فإن هذا التحدي أظهرفي الإلزام مما تقدم كما هو ظاهر لكن للمناقشة في هذا مجال ويخطر بالبال أنه يحتمل أن يكون الإضراب عن ذمهم بالتكذيب بالقرآن إلى ذمهم بالمسارعة إلى تكذيب ما لم يحيطوا به علما وأن الوقوف على العلم بهم توقع سواء كان قرآنا أو غيره فما عامة للأمرين ويدخل القرآن فيالعموم دخولا أوليا ولعله أولى مما قيل : إنه إضراب عن مقدر وينبغي أن تسمى بل هذه فضيحة فإن المعنى فما أجابوا أو ما قدروا أن تأتوا بل كذبوا إلخ كذلك أي مثل تكذيبهم من غير تدبر وتأمل كذب الذين من قبلهم أي فعلوا التكذيب أو كذبوا أنبياءهم فيما أتوا به فانظر كيف كان عقبة الظلمين 39 خطاب لسيد المخاطبين صلى الله تعالى عليه وسلم ويحتمل أن يكون عاما لكل من يصلح له والمراد بالظالمين الذين من قبلهم ووضع المظهر موضع المضمر للإيدان بكون التكذيب ظلما