تلجؤن إليهم في كل ما تأتون وتذرون من دون الله متعلق بادعوا كماقيل و من إبتدائية على معنى أن الدعاء مبتدأ من غيره تعالى لا ملابسة له معه جل شأنه بوجه وجوز أن يكون متعلقا بما عنده ومن بيانية أي ادعوا من أستطعتم من خلقه ولا يخلو عن حسن .
وفائدة هذا القيد قيل : التنصيص على براءتهم منه تعالى وكونهم في عدوة المضادة والمشاقة وليس المراد به إفادة إستبداده تعالى بالقدرة على ما كلفوه فإن ذلك مما يوهم أنهم لو دعوه لأجابهم إليه وقد يقال : لا بأس بإفادة ذلك لأن الإستبداد المذكور مما يؤيد المقصود وهو كون ماأتى به صلى الله عليه وسلّم لم يكن من عند نفسه بل هو منه تعالى والإيهام مما لا يلتفت إليه فإن دعاءهم إياه تعالى بمعنى طلبهم منه سبحانهوتعالى أن يأتي بما كلفوه مستبدا به مما لا يكاد يتصور لأنه ينافي زعمهم السابق كما لا يخفى فتأمل إن كنتم صدقين 38 في أني إفتريتهفإن ذلك مستلزم لإمكان الإتيان بمثله وهو أيضا مستلزم لقدرتكم عليه وجواب إن محذوف لدلالة المذكور عليه وفي هذه الآية دلالة على إعجازالقرآن لأنه E تحدى مصاقع العرب بسورة ما منه فلميأتوا بذلك وإلا لنقل إلينا لتوفر الدواعي إلى نقله وزعم بعض الملاحدة أنه لا يلزم من عجزهم عن الإتيان بذلك كونه من عند الله تعالىقطعا فانه قد يتفق في الشخص خصوصية لا توجد في غيره فيحتمل أنه A كان مخصوصا بهذه المرتبة من الفصاحة والبلاغة ممتازا بها عن سائر العرب فأتى بما أتى دونهم وقد جاء من بعض الطرق أنه A قال : أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وأجيب بأنه A وإن كان في أقصى الغايات من الفصاحة حتى كأن الله تعالى شأنه وعزت قدرته مخض اللسان العربي والقى زبدته على لسانه A فما من خطيب يقاومه إلا نكص متفكك الرجل وما من مصقع يناهره إلا رجع فارغ السجل إلا أن كلامه A لا يسبهما جاء به من القرآن وكلام شخص واحد متشابه كما لا يخفى على ذوي الأذواق الواقفين على كلام البلغاء قديما وحديثا .
وتعقب بأنه لا يدفع ذلك الزعم لما فيه ظاهرا من تسليم كون كلامه عليهالصلاة والسلام معجزا لا تستطاع معارضته وحيتئذ العجز عن معارضة القرآن يجعله دائرا بين كونه كلامه تعالى وكونه كلامه A ولا يثبت كونه كلام الله D إلا بضم إمتيازه على كلامه A والزاعم لم يدع لزوم كونهمن عند الله تعالى قطعا من عجزهم عن الإتيان بذلك وأيضا ينافي هذاالتلسيم ما تقدم في بيان حاصل فأتوا بسورة مثله حيث علل بأنكم مثلي في العربية والفحاحة إلخ ومن هنا قيل : الأوجه في الجواب أن يلتزم عدم إعجاز كلامه A مع كونه E أفصح العرب ولا منافاة بينهما كما لا يخفى على المتأمل وأطال بعضهم الكلام في هذا المقام وبعض أدرج مسألة خلق الأفعال في البين وجعل مدار الجواب مذهب الأشعري فيها ولعل الأمر غني عن الإطالة عند من إنجاب عن عين بصيرته العين بلكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه قيل : هو إضراب وإنتقال عن إظهار بطلان ما قالوا في حق القرآن العظيم بالتحدي إلى إظهاره ببيان أنه كلامنا شىء عن عدم علمهم بكنه أمره والإطلاع على شأنه الجليل فما عبارة عن القرآن وهو المروي عن الحسن وعليه محققو المفسرين وقيل : هي عبارةعما ذكر فيه مما يخالف دينهم كالتوحيد والبعث والجزاء وليس بذاك سواء كانت الباء للتعدية كما هو المتبادر أم للسببية والمراد أنهم سارعوا إلى تكذيبه من غير أن يتدبروا ما فيه ويقفوا على ما في تضاعيفه من الشواهد الدالة على كونه كما وصف آنفا ويعلموا أنه ليس مما يمكنأن