تقليدا والتصميم عليه وإن كان مقرونا بأدلة جدلية كلامية .
الثاني إستعظامهم ما يكشف لهم من صفات الجلال والكمال على وجه ينبعث منه شوقهم إلى الإتصاف بما يمكنهم من تلك الصفات ليقربوا بها من الحق قربا بالصفة لا بالمكان فيأخذوا من الإتصاف بها شبها بالملائكة المقربين عند الله تعالى والخلو من هذا الشوق لا يكون إلا لأحد أمرين إما لضعف المعرفة وإما لكون القلب ممتلئا بشوق آخر مستغرقا به والثالث السعي في إكتساب الممكن من تلك الصفات والتخلق بها والتحلي بمحاسنها وبذلك يصير العبد ربانيا رفيقا للملأ الأعلى من الملائكة شبيها بهم وحينئذ لا يؤثر القرب والبعد في إدراكه بل لا يقتصر إدراكه على ما يتصور فيه ذلك ويكون مقدسا عن الشهوة والغضب فلا تكون أفعاله بمقتضا بل الداعي إليها حينئذ طلب التقرب إلى الله تعالى ولا يلزم من هذا إثبات المماثلة بين الله سبحانه وتعالى وبين العبد وقد قال جل وعلا : ليس كمثله شيء لأن المماثلة هي المشاركة في النوع والماهية لا مطلق المشاركة فالفرس الكيس وإن كان بالغا في الكياسة ما بلغ لا يكون مماثلا للإنسان لمخالفته له بالنوع وإن شابهه بالكياسة التي هي عارضة خارجة عن المقومات للإنسانية وأنت تعلم بأدنى إلتفات أنه لا يتصور الشركة بين الله تعالى الحي العليم المريد القادر المتكلم السميع البصير وبين العبد المتصف بالحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر إلا في إطلاق الإسم لا غير والكلام في خبر لازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل الخ يستدعي الخوض في بحر لا ساحل له فخذ ما أتيناك وذر الذين يلحدون في أسمائه يطلبون معانيها من غيره سبحانه وتعالى ويضيفونها إليه وهؤلاء مما ذرأهم سبحانه وتعالى لجهنم سيجزون ما كانوا يعملون من الإلحاد وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وهم المرشدون الكاملون والذين كذبوا بآياتنا كالمنكرين على هؤلاء الأمة سنستدرجهم من حيث لا يعلمون أنا سنستدرجهم وأملي لهم أمهلهم إن كيدي أخذي متين شديد وقد جرت عادة الله تعالى في المنكرين على أوليائه أن يأخذهم أشد أخذ وقد شاهدنا ذلك كثيرا نعوذ بالله تعالى من مكره أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وهي الآيات التكوينية وقد تقدم معنى الملكوت وهو في مصطلح الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم عبارة عن عالم الغيب المختص بالأرواح والنفوس وفسروا الملك بعالم الشهادة من المحسوسات الطبيعية كالعرش والكرسي وغيرهما وكل جسم يتركب من الإستقصاآت من يضلل الله فلا هادي له إذ لا هادي سواه سبحانه : إلى الماء يسعى من يغص بلقمة إلى أين يسعى من يغص بماء ويذرهم في طغيانهم يعمهون يترددون لأن إستعدادهم يقتضي ذلك والله تعالى الموفق ثم لما تقدم ذكر إقتراب أجلهم عقبه سبحانه بذكر سؤالهم عن الساعة فقال تعالى : يسئلونك عن الساعة وقيل هو إستئناف مسوق لبيان بعض طغيانهم وضلالهم والساعة في الأصل إسم لمقدار قليل من الزمان غير معين وهي عند المنجمين جزء من أربعة وعشرين جزءا من الليل والنهار وتنقسم إلى معوجة ومستوية وتطلق في عرف الشرع على يوم موت الخلق وعلى يوم قيام الناس لرب العالمين وفسروها بيوم القيامة ولعل المراد منه أحد ذينك اليومين وإن كان المشهور فيه اليوم الآخر والظاهر أن المئول عنه اليوم الأول وإليه ذهب الزجاج والساعة في ذلك من الأسماء الغالبة ووجه إطلاقها عليه وكذا على وقت القيام ظاهر