يجري وضعف هذه الحكاية ابن الخازن وأنا لا أراها شيئا ولا أظنك تجد لها سندا يعول عليه ولو ابتغيت نفقا في الأرض أو سلما في السماء .
هذا ومن باب الإشارة في الآيات قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي دون رؤيتي على ما يقوله نفاة الرؤية فخذ ما آتيتك بالتمكين وكن من الشاكرين بالإستقامة في القيام بحق العبودية التي لا مقام أعلى منها لا تدعني إلا بيا عبدها .
فإنه أشرف أسمائي وبالشكر تزداد النعم كما ينطق بذلك الكتاب وكتبنا له في الألواح أي أظهرنا نقوش إستعداده في ألواح تفاصيل وجوده من الروح والقلب والعقل والفكر والخيال فطهر فيها من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة أي بعزم لتكون من ذويه وأمر قومك يأخذوا بأحسنها أي أكثرها نفعا وهي العزائم سأريكم دار الفاسقين أي عاقبة الذين لايأخذون بذلك سأصرف عن آياتي الذين يستكبرون في الأرض بغير الحق وهم الذين في مقام النفس فيكون تكبرهم حجابا لهم عن آيات الله تعالى وأما المتكبرون بالحق وهم الذين فنيت صفاتهم وظهرت عليهم صفات مولاهم فليسوا بمجوبين ولا يعد تكبرهم مذموما لأنه ليس تكبرهم حقيقة وإنما حظهم منه كونهم مظهرا له والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حيث حجبوا بصفاتهم وأفعالهم حبطت أعمالهم فلا تقربهم شيئا واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا صنعه لهم السامري وكان من قوم يعبدون العجل أو ممن رآهم فوقع في قلبه لسوء إستعداده حبه وأضمر عبادته واختار صياغته من حليهم ليكون ميلهم إليه أتم لأن قلب الإنسان يميل حيث ماله سيما إذا كان ذهبا أو فضة وكثير من الناس اليوم عبيد الدراهم والدينار وهما العجل المعنوي لهم وإن لم يسجدوا له وأكثر الأقوال أن ذلك العجل صار ذا لحم ودم وإليه الإشارة بقوله سبحانه : جسدا له خوار وفي كلام الشيخ الأكبر قدس سره أنه صار ذا روح بواسطة التراب الذي وطئه الروح الأمين ولم يصرح بكونه ذا لحم ودم وألقى الألواح أي ذهل من شدة الغضب عنها وتجافي عن حكم ما فيها ونسيان ما يستحسن من الحلم مثلا عند الغضب مما يجده كل أحد من نفسه وأخذ برأس أخيه يجره إليه ظنا أنه قصر في كفهم .
قال ابن أم ناداه بذلك لغلبة الرحمة عليه وتأويل ذلك في الأنفس على ما قاله بعض المؤولين أن سامري الهوى بعد توجه موسى عليه السلام الروح لميقات مكالمة الحق اتخذ من حلي زينة الدنيا ورعونات البشرية التي إستعارها بنو إسرائيل صفات القلب من قبط صفات النفس معبودا يتعجلون إليه له خوار يدعون الخلق به إلى نفسه ألم يروا أنه لا يكلمهم بما ينفعهم ولا يهديهم سبيلا إلى الحق اتخذوه وكانوا ظالمين حيث عدلوا عن عبادة الحق إلى عبادة غيره في نطرهم ولما سقط في أيديهم أي ندموا عند رجوع موسى الروح قالوا لئن لم يرحمنا ربنا بجذبات العناية ويعفر لنا بأن يستر صفاتنا بصفاته سبحانه وتعالى لنكونن من الخاسرين رأس مال هذه النشأة وهو الإستعداد ولما رجع موسى إلى قومه وهم الأوصاف الإنسانية غضبان مما عبدت صفات القلب عجل الدنيا أسفا على ما فات لها من عبادة الحق قال بئسما خلفتموني من بعدي حيث لم تسيروا سيري أعجلتم أمر ربكم بالرجوع إلى الفاني من غير أمره تعالى وألقى الألواح أي مالاح له من الألواح الربانية عند إستيلاء الغضب الطبيعي وأخذ برأس أخيه وهو القلب يجره إليه قسرا قال ابن أم ناداه بذلك مع أنه