وماوما من الله تعالى به عليه من إيتاء الحجة ورفع الدرجات وهبة الأولاد الانبياء وإبقاء هذه الكرماة في نسله كل ذلك لالزام من ينتمي إلى ملته من المشركين واليهود وأختار آخرون كونه لنوح عليه السلام لأنه أقرب ولأنه ذكر في الجملة لوطا عليه السلام وليس من ذرية إبراهيم بل كان ابن أخيه كما سيأتي إنشاء الله تعالى آمن به وشخص معه مهاجرا إلى الشام فارسله الله تعالى إلى أهل سدوم وكذلك يونس عليه السلام لم يكن من ذريته فيما ذكر محيي السنة فلو كان الضمير له لاختص بالمعدودين في هذه الآية والتي بعدها وأما المذكورون في الآية الثالثة فعطف على نوحا ولا يجب أن يعتبر في المعطوف ما هو قيد في المعطوف عليه ولا يضر ذكر اسماعيل هناك وإن كان من ذرية ابراهيم عليهما السلام لان السكوت عن إدراجه في الذرية لا يقتضي أنه ليس منهم وإنما لم يعد كما قال بعض المحققين : في موهبته كاسحق لأن هبة اسحق كانت في كبره وكبر زوجته فكانت في غاية الغرابة وذكر يعقوب لأن إبقاء النبوة بطنا بعد بطن غاية النعمة ولم يعطف كلا هدينا لأنه مؤكد لكونه نعمة .
ومن الناس من ادعى أن يونس عليه السلام من ذرية إبراهيم صلى الله عليه وسلّم وصرح في جامع الأصول إنه كان من الاسباط في زمن شعيا وحينئذ يبقى لوط فقط خارجا ولا يترك له ارجاع الضمير على إبراهيم وجعله مختصا بالمعدودين في الآيات الثلاث لأنه لما كان ابن أخيه آن به وهاجر معه أمكن أن يجعل من ذريته على سبيل التغليب كما قال الطيبي وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن هؤلاء الأنبياء عليهم السلام كلهم مضافون إلى ذرية إبراهيم وإن كان منهم لم يلحقه بولادة من قبل أم لا ولا أب لأن لوطا ابن أخي إبراهيم والعرب تجعل العم أبا كما أخبر الله تعالى عن أبناء يعقوب أنهم قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق مع أن إسماعيل عم يعقوب والجار والمجرور متعلق بفعل مضمر مفهوم مما سبق وقيل : بمحذوف وقع حالا من المذكورين في الآية وأختير الأول أي وهدينا من ذريته داود هو كما قال الجلال السيوطي ابن ايشا بكسر الهمزة وسكون الياء المثناة التحتية وبالشين المعجمة ابن عوبر بمهملة وموحدة بوزن جعفر ابن عابر بموحدة ومهملة مفتوحة ابن سلمون بن يخيثون بن عمي بن يارب بتحتية وآخره باء موحدة ابن رام بن حضر موت بمهملة تم معجمة بن فارص بفاء وآخره مهملة بن يهوذا بن يعقوب .
قال كعب : كان أحمر الوجه سبط الرأس أبيض الجسم طويل اللحية فيها جعودة حسن الصوت والخلق وجمع له بين النبوة والملك ونقل النووي عن المؤرخين أنه عاش مائة سنة ومدة ملكه منها أربعون وله اثنا عشر ابنا وسليمان ولده قال كعب : كان أبيض جسيما وسيما وضيئا جميلا خاشعا متواضعا وكان أبوه يشاوره في كثير من أموره في صغر سنه لوفور عقله وعلمه وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه ملك الأرض وعن المؤرخين أنه ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة وابتدا بناء بيت المقدس بعد ملكه بأربع سنين وتوفي وله ثلاث وخمسون سنة وتقديم المفعول الصريح للاهتمام بشأنه مع ما في المفاعيل من نوع طول ربما يخل تأخيره بتجاوب النظم الكريم وأيوب قال ابن جرير : هو أبن موص بن روم بن عيص ابن اسحق وقيل : ابن موص بن تارخ بن روم الخ وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط عليه السلام وأن أباه ممن آن بابراهيم فهو قبل موسى عليه السلام وقال ابن جرير إنه كان بعد شعيب وقال