وذهب بعض المفسرين إلى أن ضمير الجمع للمشركين وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والمعنى إنك لا تؤاخذ بحسابهم حتى يهمك إيمانهم ويدعوك الحرص عليه إلى أن تطرد المؤمنين والضمير في قوله سبحانه فتطردهم للمؤمنين على كل حال والفعل منصوب على أنه جواب النفي والمراد إنتفاء الطرد لا إنتفاء كون حسابهم عليه E ضرورة انتفاء المسبب لانتفاء سببه كأنه قيل : ما يكون منك ذلك فكيف يقع منك طرد وهو أحد معنيين في مثل هذا التركيب يمتنع ثانيهما هنا وقوله تعالى : فتكون من الظالمين .
25 .
- جواب للنهي وجوز الامام والزمخشري أن يكون عطفا على فتطردهم على وجه التسبب لأن الكون ظالما معلول طردهم وسبب له واعترض بأن الاشتراك في النصب بالعطف يقتضي الاشتراك في سبب النصب وهو توقف الثاني على الأول بحيث يلزم من انتفاء الأول انتفاؤه والكون من الظالمين منتف سواء لوحظ ابتداء أو بعد ترتبه على الطرد وجعله مترتبا على الطرد بلا اعتبار كونه مترتبا على المنفي ومنتفيا بانتفائه يفوت وجود سببية العطف وأجيب بأن الظلم بالطرد يتوقف انتفاؤه على انتفاء الطرد كما لا يتوقف وجوده على وجوده وانتفاء الطرد متوقف على انتفاء كون حسباهم عليه E فانتفاء الظلم بالطرد يتوقف على ذلك أيضا فيلزم من الانتفاء الانتفاء ويتحقق الاشتراك في سبب النصب وهو ظاهر وإنكاره مكابرة واعترض أيضا بأن العطف مؤذن بأن عدم الظلم لعدم تفويض الحساب اليه صلى الله عليه وسلّم فيفهم منه أنه لو كان حسابهم عليه A وطردهم لكان ظلما وليس كذلك لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه وأجيب بأنه على حد نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه وفي الكشف في بيان مراد صاحب الكشاف أنه أراد أن الطرد سبب للظلم فقيل : ما عليك من حسابهم لتطردهم فتظلم به ويفهم منه أنه لو كان عليه حسابهم لم يكن طرده إياهم ظلما وذلك لأن الطرد جعل سببا للظلم على تقدير أن لا يملك حسابهم وعليه لا حاجة إلى جعله على حد نعم العبد الخ بل هو خروج عن الحد وجوز بعضهم أن يكون الأول جوابا للنهي كما جاز أن يكون جوابا للنفي ونقل عن الدر المصون وقال : الكلام عليه بحسب الطاهر ولا تطردهم فتطردهم وهو كما ترى وجعل بعضهم اجتماع ذينك النفيين السابقين على هذا الجواب من قبيل التنازع خلا أنه لا يمكن كون الجواب للثاني بوجه أصلا إذ يلزم المعنى حينئذ أنه لو كان عليهم شيء من حسابه E كان طرده إياهم حسنا وهو خلف لا يجوز حمل القرآن عليه وليس في هذا خروج عن مختار البصريين لاعمال الثاني لأن شرطه عندهم أن يكون المعنى مستقيما فيهما فان لم يستقم أعمل الأول اتفاقا كما في قوله : ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة كفاني ولم أطلب قليل من المال وأنت إذا علمت أن الجملة الثانية لماذا أتي بها علمت ما في هذا الكلام فافهم وأيا ما كان فالمراد فتكون من الظالمين لأنفسهم أو لأولئك المؤمنين أو فتكون ممن اتصف بصفة الظلم وكذلك فتنا أي ابتلينا واختبرنا بعضهم ببعض والمراد عاملناهم معاملة المختبر وذلك إشارة إلى الفتن المذ : ور في النظم الكريم وعبر