الركوع بمعنى التخشع والتذلل لابالمعنى المعروف فى عرف أهل الشرع كما فى قوله : لاتهين الفقير علك أن تركع يوما والدهر قد رفعه وقد استعمل بهذا المعنى فى القرآن أيضا كما قيل فى قوله سبحانه : واركعى مع الراكعين إذ ليس فى صلاة من قبلنا من أهل الشرائع ركوع هو أحد الاركان بالاجماع وكذا فى قوله تعالى : وخر راكعا وقوله D : وإذا قيل لهم اركعوا لايركعون على مابينه بعض الفضلاء وليس حمل الركوع فى الآية على غير معناه الشرعى بأبعد من حمل الزكاة المقرونة بالصلاة عل مثل ذلك التصدق وهو لازم على مدعى الإمامية قطعا .
وقال بعض منا أهل السنة : إن حمل الركوع على معناه الشرعى وجعل الجملة حالا من فاعل يأتون يوجب قصورا بينا فى مفهوم يقيمون الصلاة إذ المدح والفضيلة فى الصلاة كونها خالية عمالا يتعلق بها من الحركات سواء كانت كثيرة أو قليلة غاية الأمر أن الكثيرة مفسدة للصلاة دون القليلة ولكن ثؤثر قصورا فى معنى إقامة الصلاة البتة فلا ينبغى حمل كلام الله تعالى الجليل على ذلك انتهى .
وبلغنى أنه قيل لابن الجوزى C تعالى : كيف تصدق على كرم الله تعالى وجهه بالخاتم وهو فى الصلاة والظن فيه بل العلم الجازم أن له كرم الله تعالى وجهه شغلا شاغلا فيها عن الالتفات إلى مالايتعلق بها وقد حكى مما يؤيد ذلك كثير فأنشأ يقول : يسقى ويشرب لاتلهيه سكرته عن النديم ولايلهو عن الناس أطاعه سكره حتى تمكن من فعل الصحاة فهذا واحد الناس وأجاب الشيخ إبراهيم الكردى قدس سره عن أصل الاستدلال بأن الدليل قائم فى غير محل النزاع وهو كون على كرم الله تعالى وجهه إماما بعد رسول صلى الله عليه و سلم من غير فصل لأن ولاية الذين آمنوا على زعم الإمامية غير مرادة فى زمان الخطاب لأن ذلك عهد النبوة والامامية نيابة فلا تتصور إلا بعد انتقال النبى صلى الله عليه و سلم وإذا لم يكن زمان الخطاب مرادا تعين أن يكون المراد الزمان المتأخر عن زمن الانتقال ولاحد للتأخير فليكن ذلك بالنسبة إلى الأمير كرم الله تعالى وجهه بعد مضى زمان الأئمة الثلاثة فلم يحصل مدعى الإمامية ومن العجائب أن صاحب إظهار الحق قد بلغ سعيه الغاية القصوى فى تصحيح الاستدلال بزعمه ولم يأت بأكثر مما يضحك الثكلى وتفزع من سماعه الموتى فقال : إن الأمر بمحبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه و سلم يكون بطريق الوجوب لامحالة فالأمر بمحبة المؤمنين المتصفين مما ذكر من الصفات وولايتهم أيضا كذلك إذ الحكم فى كلام واحد يكون موضعه متحدا أو متعددا أو متعاطفا لايمكن أن يكون بعضه واجبا وبعضه مندوبا وإلا لزم استعمال اللفظ بمعنيين فاذا كانت محبة أولئك المؤمنين وولايتهم واجبة وجوب محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه و سلم امتنع أن يراد منهم كافة المسلمين وكل الأمة باعتبار أن من شأنهم الاتصاف بتلك الصفات لأن معرفة كل منهم ليحب ويوالى مما لايمكن لأحد من المكلفين بوجه من الوجوه وأيضا قد تكون معاداة المؤمنين لسبب من الأسباب مباحة بل واجبة فتعين أن يراد منهم البعض وهو على المرتضى كرم الله تعالى وجهه انتهى .
ويرد عليه أنه مع تسليم المقدمات أين اللزوم بين الدليل والمدعى وكيف استنتاج المتعين من المطلق وأيضا لايخفى على من له أدنى تأمل أن موالاة المؤمنين من جهة الإيمان أمر عام بلا قيد ولاجهة وترجع إلى موالاة