وكانوا شهداء عليه ويجوز على هذا بلا خفاء ان تكون الشهادة مستعارة للبيان أى مبينين مايخفى منه وأمر التعدى بعلى سهل ولعل المراد به شىء وراء الحكم وقيل : الضمير المرفوع هنا كسابقه عائد على النبيين وماعطف عليه والعطف إما على استحفظوا أو على يحكم وتوهم عبارة البعض حيث قال وبسبب كونهم شهداء أن العطف على ما الموصولة فيؤول كانوا بالمصدر وكأن المقصود منه تلخيص المعنى لكون ماذكر ضعيفا فيما لايكون المعطوف عليه حدثا وأما العطف على كتاب الله بتقدير حرف مصدرى ليكون المطوف داخلا تحت الطلب فكما ترى وإرجاع ضمير عليه إلى حكم النبى صلى الله عليه وسلّم بالرجم كما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنه مما تأباه العربية فى بعض الاحتمالات وهو إن جاز عربية فى البعض الآخر لكنه خلاف الظاهر ولاقرينة عليه ولعل مراد الحبر بيان بعض ماتضمنه الكتاب الذى هم شهداء عليه وبالجملة احتمالات هذه الآية كثيرة فلا تخشوا الناس خطاب لرؤساء اليهود وعلمائهم بطريق الالتفات كما روى عن ابن عباس رضى تعالى عنه والسدى والكلبى ويتناول النهى غير إولئك المخاطبين بطريق الدلالة والفاء لجواب الشرط محذوف أى إذا كان الشأن كما ذكر ياأيها الاحبار فلا تخشوا الناس كائنا من كان واقتدوا فى مراعاة أحكام التوراة وحفظها بمن قبلكم من النبيين والربانيين والأحبار ولاتعدلوا عن ذلك ولاتحرفوا خشية من أحد وأخشون فى ترك أمرى فان النفع والضر بيدى أو فى الإخلال بحقوق مراعاتها فضلا عن التعرض لها بسوء ولا تشتروا بآياتى أى لاتستبدلوا بآ ياتى التى فيها بأن تخرجوها منهها أو تتركوا العمل بها وتأخذوا لأنفسكم ثمنا قليلا من الرشوة والجاه وسائر الحظوظ الدنيوية فانها وإن جلت قليلة مسترذلة فى نفسها لاسيما بالنسبة إلى مايفوتهم بمخالفة الامر وذهب الحسن البصرى إلى أن الخطاب للمسلمين وهو الذى ينبىء عنه كلام الشعبى .
وعن ابن مسعود وهو الوجه كما فى الكشاف أنه عام والفاء على الوجهين فصيحة أى وحين عرفتم ماكان عليه النبيون والأحبار وما تواطأ عليه الخلوف من أمر التحريف والتبديل للرشوة والخشية فلا تخشو الناس ولاتكونوا أمثال هؤلاء الخالفين والذى يقتضيه كلام بعض أئمة العربية أنها على الوجه فصيحة أيضا وقد تقدم الكلام على مثل هذا التركيب فتذكر ومن لم يحكم بما أنزل الله من الأحكام فأولئك إشارة إلى من والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد فى سابقه باعتبار لفظها وهو مبتدأ خبره جملةقوله سبحانه : هم الكافرون .
44 .
- ويجوز أن يكون هم ضمير فصل و الكافرون هو الخبر والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها أبلغ تقرير وتحذير عن الإخلال به أشد تحذير واحتجت الخوارج بهذه الآية على أن الفاسق كافر غير مؤمن ووجه الاستدلال بها أن كلمة من فيها عامة شاملة لكل من لم يحكم بما أنزل الله تعالى فيدخل الفاسد المصدق أيضا لانه غير حاكم وعامل بما أنزل الله تعالى وأجيب بأن الآية متروكة الظاهر فان الحكم وإن كان شاملا لفعل القلب والجوارح لكن المرادبه هنا عمل القلب وهو التصديق ولانزاع فى كفر من لم يصدق بما أنزل الله تعالى وأيضا إن المراد عموم النفى بحمل ما على الجنس ولاشك من لم يحكم بشىء مما أنزل الله تعالى لايكون إلا غير مصدق ولانزاع فى كفره وأيضا أخرج ابن منصور وأبو الشيخ