وبعض الائمة يسمى مثل ذلك تخصيصا كما حقق فى الأصول ولابد على هذا من تفسير الفضل والرضوان بما يناسب الفريقين وقرأ حميد بن قيس الأعرج تبتغون بالتاء على خطاب المؤمنين والجملةعلى ذلك حال من ضمير المخاطبين فى لاتحلوا على أن المراد بيان منافاة حالهم هذه للمنهى عنه لاتقييد النهى بها واعترض بأنه لو أريد خطاب المؤمنين لكان المناسب من ربكم وربهم وأجيب بأن ترك التعبير بما ذكر للتخويف بأن ربهم يحميهم ولايرضى بما فعلوه وفيه بلاغة لاتخفى وإشارة إلى مامر من أن الله تعالى رب العالمين لا المسلمين فقط وقال شيخ الاسلام : إن اضافة الرب الى ضمير آمين على قراءة الخطاب للايماء إلى اقتصار التشريف عليهم وحرمان المخاطبين عنه وعن نيل المبتغى وفى ذلك من تعليل النهى وتأكيده والمبالغة فىاستنكار المنهى عنه مالايخفى وإذا حللتم من الاحرام المشار اليه بقوله سبحانه : وأنتم حرم فاصطادوا أى فلا جناح عليكم بالاصطياد لزوال المانع فالأمر للإباحة بعد الحظر ومثله لاتدخلن هذه الدار حتى تؤدى ثمنها فاذا أديت فادخلها إذا أديت أبيح لك دخولها وإلى كون الأمر للإباحة بعد الحظر كثير .
وقال صاحب القواطع : إنه ظاهر كلام الشافعى فى أحكام القرآن ونقله ابن برهان عن أكثر الفقهاء والمتكلمين لأن سبق الحظر قرينة صارفة وهو أحد ثلاثة مذاهب فى المسألة ثانيها أنه للوجوب لأن الصيغة تقتضيه ووروده بعد الحظر لاتأثير له وهو اختيار القاضى أبى الطيب والشيخ أبى إسحق والسمعانى والإمام فى المحصول ونقله الشيخ أبوحامد الاسفراينى فى كتابه عن أكثر الشافعية ثم قال : وهو قول كافة الفقهاء وأكثر المتكلمين وثالثها الوقف بينهما وهو قول إمام الحرمين مع كونه أبطل الوقف فى لفظه ابتداءا من غير تقدم حظر ولايبعد على ماقاله الزكشى أن يقال هنا برجوع الحال إلى مكان قبل كما قيل فى مسألة النهى الوارد بعد الوجوب ومن قال : إن حقيقة الأمر المذكور للايجاب قال إنه مبالغة فى صحة المباح حتى كأنه واجب وقيل : إن الأمر فى مثله لوجوب اعتقاد الحل فيكون التجوز فى المادة كأنه قيل : اعتقدو احل الصيد وليس بشىء وقرىء أحللتم وهو لغة فى حل وعن الحسن أنه قرىء فاصطادوا بكسر الفاء بنقل حركة همزة الوصل عليها وضعفت من جهة العربية بأن النقل إلى المتحرك مخالف للقياس وقيل : إنه لم يقرأ بكسرة محضة بل أمال لإمالة الطاء وإن كانت من المستعلية ولايجرمنكم أى لايحملنكم كما فسره به قتادة ونقل عن ثعلب والكسائى وغيرهما وأنشدوا له بقوله : ولقد طعنت أبا عينية طعنة جرمت فزارة بعدها أن تغضبا فجرم على هذا يتعدى لواحد بنفسه وإلى الآخر بعلى وقال الفراء وأبو عبيدة : المعنى لايكسبنكم وجرم جار مجرى كسب فى المعنى والتعدى إلى مفعول واحد وإلى اثنين يقال : جرم ذنبا نحو كسبه وجرمته ذنبا نحو كسبته إياه خلا أن جرم يستعمل غالبا فى كسب مالا خير فيه وهو السبب فى إيثاره ههنا على الثانى ومنه الجريمة وأصل مادته موةضوعة لمعنى القطع لأن الكاسب ينقطع لكسبه وقد يقال : أجرمته ذنبا على نقل المتعدى الى مفعول بالهمزة إلى مفعولين كما يقال : أكسبته ذنبا وعلبه قراءة عبد الله لايجرمنكم بضم الياء شنئان قوم بفتح النون وقرأ ابن عامر وأبوبكر عن عاصم وإسماعيل عن نافع بسكونها