أى المقتول المؤمن كما روى عن جابر بن زيد من قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق أى عهد مؤقت أو مؤبد فدية أى فعلى قاتله مسلمة إلى أهله من أهل الإسلام إن وجدوا ولاتدفع الى ذوى قرابته من الكفار وإن كانوا معاهدين إذ لايرث الكافر المسلم ولعل تقديم هذا الحكم كما قيل مع تأخير نظيره فيما سلف للإشعار بالمسارعة إلى تسليم الدية تحاشيا عن توهم نقض الميثاق وتحرير رقبة مؤمنة كما هو حكم سائر المسلمين ولعل إفراده بالذكر كما قيل أيضا مع اندراجه فى حكم ماسبق فى قوله سبحانه : ومن قتل مؤمنا خطأ الخ لبيان أن كونه فيما بين المعاهدين لايمنع وجوب الدية كما منعه كونه بين المحاربين .
وقيل : المراد بالمقتول هنا أحد أولئك القوم المعاهدين فيلزم قاتله تحرير الرقبة وأداء الدية الى أهله المشركين للعهد الذي بيننا وبينهم وروى ذلك عن ابن عباس والشعبى وأبى مالك واستدل بها على أن دية المسلم والذمى سواء لأنه تعالى ذكر فى كل الكفارة والدية فيجب أن تكون ديتهما سواءا كما أن الكفارة عنهما سواء .
وأخرج ابن أبى حاتم عن ابن شهاب قال : بلغنا أن دية المعاهد كانت كدية المسلم ثم نقصت بعد فى آخر الزمان فجعلت مثل نصف دية المسلم وأخرج أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن دية أهل الكتاب كانت على عهد النبي صلى الله عليه و سلم النصف من دية المسلمين وبذلك أخذ مالك .
وعن الشافعى رضى الله تعالى عنه دية اليهودى والنصرانى نصف دية المسلم ودية المجوسى ثلثا عشرها وزعم بعضهم وجوب الدية أيضا فيما إذا كان المقتول من قوم عدو لنا وهو مؤمن لعموم الآيه الأولى وأن السكوت عن الدية فى آيته لاينفيها وإنما سكت عنها لأنه لايجب فيه دية تسلم الى أهله لأنهم كفار بل تكون لبيت المال فأراد أن يبين بالسكوت أن أهله لايستحقون شيئا وقال آحرون إن الدية تجب فى المؤمن إذا كان من قوم معاهدين وتدفع إلى أهله الكفار وهم أحق بديته لعهدهم ولعل هؤلاء لايعدون ذلك إرثا إذ لايرث الكافر ولو معاهدا المسلم كما برهن عليه فمن لم يجد رقبة يحررها بأن لم يملكها ولامايتوصل به اليها من الثمن فصيام أى فعليه صيام شهرين متتابعين قال مجاهد : لافطر فيهما ولايقطع صيامهما فان فعل من غير مرض ولاعذر استقبل صيامهما جميعا فان عرض له مرض أو عذر صام مابقى منهما فان مات ولم يصم أطعم عنه ستين مسكينا لكل مسكين مد رواه ابن أبى حاتم .
وأخرج عنه أيضا أنه قال : فمن لم يجد دية أو عتاقة فعليه الصوم وبه أخذ من قال : إن الصوم لفاقد الدية والرقبة يجزيه عنهما والاقتصار على تقدير الرقبة مفعولا هو المروى عن الجمهور وأخرج ابن جرير عن الضحاك أنه قال : الصيام لمن لم يجد رقبة وأما الدية فواجبة لايبطلها شىء ثم قال وهو الصواب لأن الدية فى الخطأ على العاقلة والكفارة على القاتل فلا يجزىء صوم صائم عما لزم غيره فى ماله واستدل بلآية من قال : إنه لاإطعام فى هذه الكفارة ومن قال : ينتقل اليه عند العجز عن الصوم قاسه على الظهار وهو أحد قولين للشافعى C تعالى وبذكر الكفارة فى الخطأ دون العمد من قال : أن لاكفارة فى العمد والشافعى يقول : هو أولى بها من الخطأ توبة نصب على أنه مفعول له أى شرع لكم ذلك توبة أى قبولا لها من تاب الله تعالى عليه إذا قبل توبته وفيه اشارة الى التقصير بترك الاحتياط