الدعوة الإسلامية والأمة الإسلامية في مواجهة التحديات المعاصرة
الدعوة الإسلامية والأمة الإسلامية في مواجهة التحديات المعاصرة
كامل أبوبكر شريف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المنان ذو الفضل والإحسان نحمده على ما أنعم وأرشد والصلاة والسلام على إمام المرسلين سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم خير من بلغ وأرشد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار وعلينا معهم أجمعين.
وبعد:
قال الله العلي الخبير في كتابه العزيز " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " صدق الله العظيم.
الإسلام هو الدين الذي ارتضاه رب العباد لعباده ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وهو دين سماوي عالمي صالح لكل زمان ومكان وأمة. والأمة الإسلامية هي خير أمة أخرجت للناس يدعون إلى الحق إلى عبادة الله وحده وإلى الصراط المستقيم، وإلىالأخلاق الحميدة إلى السلام والمحبة، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وهم أمة العدل والمساواة أمة التوحيد أمة القرآن.
لذا ظلت الدعوة الإسلامية والأمة الإسلامية مستهدفة منذ البداية وسيظل هذا الإستهداف قائما ما دام هناك إخوة الشياطين الضالين المضلين أعداء الله ورسوله الكريم والأمة الإسلامية. هؤلاء الذين جبلوا على محاربة الحق وإفساد الناس، عادوا هذا الدين وأتباع هذا الدين الذين من الله عليهم وهداهم إلى الإسلام وجعلهم خير أمة أخرجت للناس. وقد حذر الله المسلمين من أعدائه وأعداء رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والأمة الإسلامية مبينا أهدافهم الخبيثة وقال جل وتعالى في كتابه العزيز " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن الهدى هدى الله " وقال في آية أخرى " ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة " وقال تعلى في آية أخرى ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)
هذا التحذير الإلهي كاف ليتق المسلمون من شرور الأحقاد المضلين وهم الأعداء التقليديين للإسلام والأمة الإسلامية يقول
الشاعر المسلم الأستاذ\ مصطفى عكرمة من سورية عن الأمة الإسلامية وعن الحاقدين :
ما كان ذنب لهــا إلا الهـــدى حملتـــه للدنيا عساها ترشــد
عدلت فجن الظالمون لعدلها والعدل لا يرضى به من أفسدو
والكـفـر أهلـــه جميعــا ملــة والمهــتدون لــه العـــدو الأوحــــد
كما نعلم جميعا أننا الآن في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الذي أعلنت فيه الفرقة الضالة وهي القوى المعادية للإسلام وأهله على أن هذا القرن سيكون القرن الحاسم لإزالة الإسلام وإزالة الحضارة الإسلامية وهيمنة الحضارة الغربية الصليبية، فتكاتفت هذه القوى وبرمجت أعمالها وحشدت جميع قواها من أجل هذا الهدف الخبيث، وعلا أصوات ونداءات فلاسفتها ومفكريها وقياداتها السياسية والدينية بوجوب القيام بالعمل الجدي الحاسم لإزالة الإسلام والأمة الإسلامية وجعلت شعاره " لن يهدأ لنا بال حتى ننصب الصليب فوق الكعبة،ونقيم القداس في المدينة ".
بدأت هذه القوى الحاقدة التي قررت عدم التراجع عن برامجها العدائي في تنفيذ برامجها العدائي مستغلة تفكك وحدة المسلمين وضعفهم وانشغالهم بالخلافات المذهبية والطائفية والعرقية وتكفير بعضهم البعض، والإقتتال فيما بينهم، ووجود عناصر خائنة في صفوف المسلمين منجرة بالمصالح المادية.
التحديات التي تواجه الدعوة الإسلامية والأمة الإسلامية:
التحديات التي تواجه الدعوة الإسلامية والأمة الإسلامية في عالمنا المعاصر تستفحل وتتفاقم يوما بعد يوم خارجيا وداخليا نتناولها بقدر المستطاع حسب خطورتها وتأثيرها فنبدأ بأخطر التحديات الخارجية.
استمرار احتلال الأراضي الإسلامية ؛
1- فلسطين :
لقد مضى على احتلال فلسطين البوابة الغربية للوطن الإسلامي وهي الجبهة الأمامية التي تواجه الأعداء دائما ستون سنة، سيطر الأعداء على جميع الأراضي الفلسطينية ودنسوا المقدسات الإسلامية هدموا المساجد والبيوت والمزارع وشردوا هذا الشعب الابي وجوعوه ودمروا جميع إمكانياته وقدراته، نهبوا ثروته، وقاموا بقتل الأطفال والنساء والشيوخ والمدافعين عن هذا البلد والمقدسات الإسلامية، وشعب فلسطين لا يزال في الثكنات والبيوت وفي الزقازيق يدافع عن حقه المشروع وعن مقدسات الإسلام طوال هذه المدة الطويلة متحملا مسؤلية الدفاعن الإسلام ومقدساته وحده نسيه الأشقاء وقسا عليه الأعداء. والقوة المتحالفة المعادية للإسلام تزداد قوة وتقوم بجميع الأنواع الوحشية والبربرية من قتل وتجويع وتشريد تحت مرأى ومسمع الأمم المتحدة ضد هذا الشعب الابي يقول الشاعر المسلم مصطفى عكرمة :
القدس نادتـــنا ونادى المسجـــد أين الأباة وأين أين المنجــــــــد
القدس نادت ولم تــلق الصــدى وبها اليهود كما تشاء تعرأبــــد
قتلت بها الإيمان وهي رضيعة قتـــلا ينادي أنـــه متعــــــمـــــد
ولكــم كإيمان تهــاوى رضـــع جوعا وقتلا والأسى يتجـــــــدد
والثاكلات المرضعات تصعدت آناتهــن وكيـف لا تتصـــــــــدع
أيجابـــه الأعــداء طـفل أعــزل وذوو الجيوش على الأرائك ترقد
أيد الصغــار تصدهم بحجـــارة ولأمــــة الإســــلام ما كانت يــــد
ونــقــول إنا مــؤمنون أعـــــزة ولغـــيرنا الرايــات ليســـت تعــقـــد
ونـنام والأحــلام ملئ رؤســـــنا وعــــدونا متــــأهــــب متوعــــــد
أيباد أهلـونا جهـارا في الضحـى ويدنــــس الأقصى ونحن نزغــرد
2- أفغانستان :
بعد مرور خمسين سنة على الغزو الصليبي والصهيونية العالمية على أرض فلسطين البوابة الغربية الأمامية وإقامة دولة إسرائيل فيها، غزا الطغاة الأعداء التقليديين أفغانستان البوابة الشرقية الأمامية للأراضي الإسلامية وتم إحتلالها بحجة محاربة الإرهاب. وها هو شعب أفغانستان الأبي الباسل الذي دحر القوات الصليبية البريطانية وانتصر عليها كما هزم القوات الروسية الماركسية , يحارب الآن بكل شجاعة معتمدا على الله الأعداء الذين غزو بلادهم ودمروا قدراتهم وقاموا بتشريدهم. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. لم يكن هدف الغزاة من غزو أفغانستان محاربة الإرهاب بل كان هدفهم الحقيقي محاربة الإسلام وأهله والله يشهد إنهم لكاذبون معتدون، وهم الإرهابيون حقيقة وأعمالهم الوحشية تشهد عليهم.
3- العراق :
يأتي غزو العراق وهو من سلسلة غزوات الصليبية الحاقدة المتحالفة مع الصهيونية العالمية والذي أعلن عنه الإرهابي بوش قائلا " إنها حرب صليبية " ليكون العراق ثالث بلد قامت القوة المعادية بغزوه بحجة إزالة أسلحة الدمار وإزالة النظام الدكتاتوري وتخليص شعب العراق من الظلم. هذا وقد علم العالم بأسره أسطورة هذا الكذب والخداع وظهرت حقيقة هدفهم الخبيث ألا وهو القضاء على قوة وقدرات شعب مسلم يعيش في قلب الأراضي الإسلامية ويجاور الأراضي المقدسة الإسلامية الكعبة المشرفة في مكة والمسجد الأقصى في القدس الشريف والمسجد النبوي في المدينةالمنورة وقادر على حماية المقدسات الإسلامية والأراضي الإسلامية والذود عنها وما يحصل الآن في العراق من التشتت والتمزق واختلال الأمن وعدم الإستقرار يدمي القلب ويخيب الآمال ومهدد للأمة الإسلامية جمعاء.
4 - السودان :
السودان يعاني من مشاكل داخلية جسيمة ومتشعبة من جراء مؤامرات الأحقاد وحروب أهلية مستمرة ومدمرة تنذر بتفكيك وحدة السودان وإضعاف قوته. فمشكلة الجنوب ودارفور وغيرها من المشاكل التي تواجه السودان كلها من تدبير الصليبية الحاقدة والصهيونية العالمية هدفها القضاء على الإسلام والمسلمين في هذا البلد الإسلامي العظيم. لأنهم وجدوا في السودان شعب أبي متمسك بعقيدته الإسلامية قوي العزيمة حريص على نشرالإسلام والحفاظ على كيانه مستعد للذود عنه، بلد إسلامي إفريقي له قدرات تؤهله ليكون الدرع القوي المدافع عن الإسلام والمسلمين والمقدسات الإسلامية في وسط أفريقيا وشرقها وقد مزق الأعداء وحدة السودان وجعلوا منه قاعدة لزرع سمومهم في دول الصحراء بهدف إضعاف قدراتها والحيلولة دون نهضتها ووحدتها.
5- كشمير :
هذا البلد الإسلامي نسيه المسلمون وتجاهلوه كليا مدارة للهندوس الذين هم ألد أعداء الإسلام والذين يشكلون في المستقبل خطرا جسيما على الإسلام في آسيا. يعاني هذا الشعب المسلم المثابر من قسوة وظلم الهندوس ولم يجد حتى الآن آذانا صاغية لندائه وتظلمه ولم يجد ملجأ يلتجئ إليه لشرح قضيته يناضل ويكافح من أجل حقوقه المشروعة والحفاظ على هويته الإسلامية يواجه قسوة الظالمين وجبروتهم بقوة الإيمان متوكلا على الله فويل للظالمين من ولي المظلومين وسينتصر هذا الشعب المـظلوم بإذن الله. والهندوس أشد عداوة للإسلام والمسلمين وهم يعدون العدة للإنقضاض على الدول الإسلامية المجاورة لهم. وعقدت معاهدة التعاون العلمي في مجال العلوم النووية مع أمريكا دليل واضح على طموحاتهم التوسعية في ألأراضي الإسلامية وإزالة الإسلام ولهم خطة مستقبلية لإحتلال الأراضي الإسلامية.
6- الأقليات الإسلامية
الأقليات الإسلامية الموجودة في البلدان الغير الإسلامية والتي تتبع في نظامها العلمانيةوأخرى صليبية, يعاني المسلمون في هذه البلدان من ظلم وقساوةحكامها حيث يمنعون من بناء المساجد وارتداء الحجاب وفتح المدارس لأولادهم يجبرون إدخال أولادهم في مدارس التبشيرأوالمدارس العلمانية ووضع الأقليات الإسلامية في البلدان الغير الإسلامية يستوجب على الدول الإسلامية السعي والعمل لكي يحصلوا على حقوقهم الشرعية ويمارسوا نشاطاتهم وشعاراتهم الدينية بكل حرية.
7- الإساءات المتعمدة
بدأت الجبهة الحاقدة على الإسلام وأهله في مستهل القرن الحادي والعشرين حملاتها الإعلامية المتعمدة المعلنه،الطعن في كتاب الله العزيز الذي" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" والطعن في نبي الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي وصفه ربه المتعال حيث قال تبارك وتعالى " وإنك لعلى خلق عظيم " وهو المبعوث رحمة للعالمين وخاتم النبيين ورسالته خاتمة الرسالات السماوية ومهيمنة عليها، فتمادت هذه الجبهة المعادية في إساءاتها ووصفت الإسلام على أنه دين إرهابي والمسلمون إرهابيون كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا. كثفت حملاتها الإعلامية الخبيثة وإساءاتهاالعدائية اللاأخلاقية عبر الجرائد والتلفاز وأصدرت أفلاما وكتباوضيعة كلها تحمل الإساءة إلى الإسلام ونبي الإسلام والأمة المسلمة.
قد يتساءل المرء لماذا كل هذه الإساءاة؟
والجواب صريح وواضح ألا وهو فقدان زمرة الأحقاد الصليبية والصهيونية الامل في نشر دينهم المعوج وإيقاف الزحف الإسلا مي الذي بدأ يزحف بصمت وبحجة بالغة في صفوف الصليبيين في أوروبا وأمريكا بطريقة سلمية ودون ضجيج بواسطة دعاة الإسلام المخلصين المسالمين الذين يدعون بالتي هي أحسن إلى التي هي أقوم حيث بدأ الناس يدخلون في دين الله أفواجا وأينما حل السلم في أية بقعة نشر الإسلام لكون الإسلام دين الفطرة وهذا الوضع أقلق مضجع الحاقدين وسد عليهم أبواب التنصير.
ومن هم وراء هذه الإساءات؟
الذين هم وراء هذه الحملات، هم رجال الكنيسة المتعصبين والصهيونية العالمية التي تهدف دائما عرقلة السلام والعيش في سلام بين أتباع المسيحية والمسلمين، بالدرجةالأولى القساوسة مسؤلون عن كل هذه الحملات، إذ لم يتجرأ أحدهم إنكار هذه الحملات البذيئة بل قاموا بتأجيجه وتشجيعه، وحتى البابا الحالي شجع الإساءة بحملته وطعنه للدين الحنيف ولم يصدر بيانا يسنكر فيه الإساءات الموجهة ضد الإسلام ونبي الإسلام.
نحن أمةالإسلام شرفاء كرماء نحترم الأديان ولا نسيئ إلى أحد , لأننا نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، نرحب بحوار الأديان والعيش بسلام لاننا دعاة السلام وشعارنا هو السلام ولن نرضى أن يتطاول أحد على ديننا ونبينا وعلينا، نعادي من يعادينا ونسالم من يسالمنا. فالله جل وتعالى قال في كتابه " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله " ولكن إذا تمادوا واعتدوا علينا فنأخذ من أمر الله الذي قال فيه " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ".
والامر المهم الذي أزعج أولائك وهؤلاء الحاقدين هو الصحوة الإسلامية التي بدأت في الستينات من القرن الماضي بقيادة المخلصين من أمة الإسلام وبروز مؤسسات إسلامية دعوية وتعليمية وإرشادية في مختلف البللدان الإسلامية تدعوا إلى العودة إلى حظيرة الإسلام والدعوة إلى الله. حيث انتشر دعاتها في جميع بقاع العالم يبشرون بالإسلام وينشرونه ويعرفون بمضامين كتاب الله وهديه وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ظن الحاقدون أن زحف الإسلام قد توقف، جهلوا وتخبطوا في جهلهم ونسوا أن الإسلام يستمد نوره من الله القدير وأن قوته من فيض الرحمن وتأييده، واصلت المؤسسات الإسلامية المباركة أعمالها ولم تتأثر بالمحاولات والمؤامرات الخبيثة التي حاولت إيقاف الزحف الإسلامي المستمر واستمرت المؤسسات بدعوتها إلى الإسلام والسلام بكل ما لديها من قوة يدعوا دعاتها بإذن ربهم فما وهنوا وما ضعفوا وما استكانوا وصبروا وصابروا وانتصر الإسلام.
وهناك عامل آخر أقلق مضجعهم وأفقدهم صوابهم هو انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني رحمه الله وقيام الجمهورية الإسلامية في إيران دستورها القرآن وتطبيقها النظام القرآني، حيث رفعت هذه الثورة معنوية المسلمين في كل مكان، وسعيها الحميد للتقريب بين المذاهب الإسلامية بهدف ايجاد الوحدة الإسلامية المنشودة، والتقدم الذي أحرزته في هذا المجال دفع المسلمين للعمل للوحدة الإسلامية. هذا وغيره من الصحوة الإسلامية التي تطالب بالرجوع إلى حظيرة الدين ونبذ الأفكارالغربية وفلسفتها في الحياة لأن الدين عند الله الإسلام، تبعتها صحوة إسلامية كبري تقول للحاقدين لا بديل للإسلام ونظمه الإسلامي لا للإستغلال والإستعباد.
ويجدر بنا في هذا المجال ذكر الخطوات المباركة التي قام بها المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية إذ تمكن المجمع من تجاوز المشاكل وانجاز أعمال في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية بفضل العلماء والمفكربن المخلصين. حيث بدأ بفضل الله تقارب وجهات النظر والتفاهم وسدت منافذ الخلافات فاتحة المجال للحوار بين المذاهب الإسلامية دون تعصب، وهذه الخطوة المباركة أزعجت الأعداء وخيبت آمالهم في إيجاد ثغرة في صفوف المسلمين وجرهم إلى التناحر والتنافر ومن ثم إلى الإقتتال، وشخعة المسيلمين للمضي قدما إلى مزيد من التفاهم والتلاحم.
8 - الغزو الثقافي
يتعرض المجتمع الإسلامي في كل مكان لغزو ثقافي خطير مكثف ومبرمج بهدف افساد أخلاق المسلمين وابعادهم عن دينهم، وهذا الغزو الثقافي هو من أخطر التحديات التي تواجه الامة الإسلامية في عصرنا هذا لأنها تهدف وتعمل للقضاء على المقومات الأساسية للأمة الإسلامية، منها العقيدة والاخلاق والتقاليد الإسلامية الكريمة وثقافتها النقية العالية وبالتالي القضاء على حضارة الإسلام ورسالته المقدسة وجر المسلمين إلى هاوية الفساد.
فبالقضاء على المقومات الأساسية الكريمة للإسلام وإزالته من قلوب المسلمين وخصوصا من قلوب الشباب المستهدف يمكنهم أن يعيثوا في الأرض فسادا كما يشاؤن ويحققوا مآربهم الشيطانية ويركز هؤلاء الخبثاء المفسدون في الارض على المرأة المسلمة لجرها إلى مستنقع الفساد والتمرد وإبعادها عن دينها القويم وقيمه العالية.
9- التبشير ( التنصير)
فلول المنصرين دخلوا البلدان الإسلامية مع المستعمرين الذين غزو البلدان الإسلامية,وكانت هذه الجبهات التنصيرية العميلة رقم واحد للإستعمار، وكان الهدف الرئيسي للمنصرين تمكين المستعمرين السيطرة على الأراضي الإسلامية والشعوب الإسلامية، ثم القيام بتنصير هذه الشعوب، وتمزيق الوطن الإسلامي إلى مجموعة من الأقاليم وإبعادهم من الرابطة الحقيقية وزرع الروح الإقليمية والقبلية في نفوس المسلمين وقد تحقق لهم هذا الهدف وتم اقامة دويلات اسلامية وبحدود مصطنعة كما عمل المستعمرون وجبهات التنصير في زرع مشاكل حساسة في كل إقليم.
وأقذر عمل قام به المنصرون هو نشر الفساد وخلق مناخ لتخريج اجيال منحلة بعد تجريدها من هويتها الإسلامية وجعلها عميلة طائعة ومقلدة تتبع كل ما يأتي من الغرب.
وفي الوقت الحاضر نشطت الجبهات التنصيرية في نشر أباطيلها وفلسفتها كالعلمانية والعولمة بهدف إزالة النظام الإسلامي في الوطن الإسلامي.
وتعمل جبهات التنصير التي تبشر بالشر والخسران بأعمالها التنصيرية في أفريقيا خاصة وفي آسيا مستغلة الفاقة والمجاعة والكوارث الطبيعيةكماتحاول اكتساب الشباب إلى صفوفهاوجرالمرأة المسلمة إلى جانبها بحجةإخراجها من سيطرة الرجال وظلم الإسلام لها. والحقيقة هي أنهم جهلوا وعجزوا اخراج المرأة الغربية من مستنقع الفساد التي وقعت فيه وفقدت من جراء نظامهم الفاسد كرامتها وأصبحت تعامل كالسلع في البارات والملاهي الليلية، والإسلام أكرم المرأة وسن لها حقوقها وحذر من المساس بحقوقها ورفع منزلتها اذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم " الجنة تحت أقدام الأمهات :.
10- التحدي الغربي الصليبي للإسلام
يرى فلاسفة الغرب الدجالين الذين يغذون الغرب المسيحي المعروف عنه بالعدو التقليدي اللإسلام بأفكارهم ويعتمد عليهم الغرب في تخطيط برامجه العدائي الإستعلائي والإستعبادي على أن الحضارة الغربية بديباجها المسيحي المستغل للشعوب الأخرى سيسود العالم، لأنها تملك المال والسيطرة على الإقتصاد العالمي والصناعات المتطورة والأسواق العالمية ومراكز الإعلام كما تسيطر على الإنتاج العالمي والتجارة العالمية وتسيطر على المؤسسات الدولية الإقتنصادية ةوالسياسية وتتمتع بالتفوق العلمي الذي لا يمكن للآخرين أن يصلوا إليه أو يواكبوا هذا التقدم، بل تؤمن وتسعى بوجوب إحتكار العلوم المتقدمة والمتطورة في العلوم النووية والتقنية والمحافظة على التفوق في مجال الأسلحة المتطورة والمدمرة وتمانع بشتى الوسائل وبكل قوة اكتساب الآخرين لهذا العلوم أو الإستفادة بها. ومعارضتها للتقدم العلمي الذى أحرزته الجمهورية الإسلامية في إيران وباكستان في مجال العلوم النووية السلمية دليل واضح على عدائها للإسلام وعلى أهدافها الرامية للحيلولة دون تفدم الأمةو الإسلامية في المجال العلمي والحد من تقدمها ورقيها وإبقائها ضعيفة في عالم الجهل والتخلف.
ويرى فلاسفة الغرب ورجال الدين والمفكرين المسيحين على أن تكون الهيمنة دائما للغرب المسيحي على الديانات والحضارات الأخري وبالدرجة الأولى على الإسلام ووجوب فرض ثقافتهم الفاسدة ونظمهم وسلوكهم المعوج على الشعوب الأخرى، يؤمنون بزوال بقية الحضارات يحاربون الحضارة الإسلامية ونظمه الإلهي ويخططون جادين لإزالة الإسلام والهيمنة على الشعوب الإسلامية ونهب ثروتها.
قال المحاضر الإسرائيلي الذى حاضر في جامعة أديس أبابا قبل خمس سنوات إن القاهرة لم تعد عاصمة إسلامية وذلك ببروز الكيان المسيحي القوي ويعني بهم الأقباط كقوة مؤثرة فى مصر إذ يمكن للأقباط إقامة دولتهم المسيحية في دلتا النيل فى المستقبل. تعليق مخطط رهيب لتقسيم مصر إلى دولتين. وقال إن الشرق الأوسط لم يعد منطقة خاصة بالإسلام فالسيطرة الإسلامية قد إنتهت ببروز إسرائيل كدولة قوية فى المنطقة كما إنتهت سيطرة العرب على البحر الأحمر ببروز أريتريا التى يسيطروا عليها المسيحيون. ووجود دولة أثيوبيا المسيحية القوية في المنطقة حسب زعمه السقيم.
إنهم يحاولون تقسيم المقسم وتمزيق الوحدة الإسلامية والسيطرة عليها وعلي ثروتها وطمس كيانها. إن أعمالهم الوحشية والإرهابية والحرائم التي إرتكبوها ضد شعب فلسطين والعراق وأفغانستان والسودان من قتل للأطفال والعجزة وتدمير المنشئات وإثارة الفتن بين الطوائف المختلفة فى البلدان الإسلامية بهدف تدميرهم يدل وبكل وضوح هدفهم الإجرامي والوحشي وعلى أنهم إرهابيون يرهبون الشعوب المستضعفة.
إزاء هذا التحدي السافر والتصرفات الهمجية الإرهابية والإستعدادات التى تقوم بها القوى المعادية الشيطانية المتحالفة الغربية الصهيونية العالمية والهندوس للقضاء على الإسلام وحضارته ومثله العالية هذا ولقد قالوا كلمتهم.
أصبح على الأمة الإسلامية أن تستيقظ وتفيق من سباتها وتدبر وتستعد للمهمة المصيرية فى هذه المرحلة العسيرة، عليها أن تعتصم بحبل الله وتوحد كلمتها وتنبذ خلافاتها وتستعين بإرشادات علمائها المخلصين. ولم تحصل المصيبة التى وقعت فيها الأمة الإسلامية إلا بسبب إهمال التوجيه الإلهى والتفرق واللجوء إلى الإرشادات الغربية والإلتجاء إليها والرضوخ لأوامرها، ولا ملاذ للأمة الإسلامية إلا بالتباع نهج الإسلام ومثله العالية و الإعتصام بحبل الله.
التحديات الداخلية الخطرة والمشاكل المعاصرة
١- الخلافات المذهبية :
الخلافات المذهبية والتعصب لها هي أخطرالمشاكل الداخلية وهي مرض عضال أضربالدعوة الإسلامية ومزق وحدة المسلمين.
لقد سلكت الخلافات المذهبية بالمسلمين مسلكا خطيرا باعدت بين أتباع المذاهب المختلفة وكل يوم تتعاظم وتستفحل الخلافات في كل مكان ومجتمع برز فيه الكيان الإسلامي بالرغم من محاولة العلماء المخلصين التقريب بين المذاهب الإسلامية، وبلغت إلى حد التكفير والتفسيق والهجر، المسلم يكفر أخيه المسلم الذي يشهد أن لا اله الا الله محمد رسول الله ويؤمن بكتاب الله ويتبع هدي رسول الله ويتجه في صلاته نحو الكعبة المشرفة، وفي بعض الأحيان يفسق المسلم أخيه المسلم ويهجره لخلاف في الرأي أو المذهب.
هذا وقد وصل في بعض المناطق إلى حد الإقتتال يقتل المسلم أخيه المسلم دون مبرر والله سبحانه وتعالى حرم القتل إلا بالحق ويقول في كتابه العزيز " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق " وقال الرسول صلى الله عليه وسلم " دم المسلم على المسلم حرام "، كما يقوم بعضهم بهدم المسجد وقتل الأبرياء المعتكفين في بيت الله متناسين حرمة بيت الله وحرمة دم المسلم.
هذه الحالات المؤسفة أضرت كثيرا بمسيرة الدعوة الإسلامية وأضعفت قوة المسلمين وشتت كلمتهم وضعفوا أمام أعدائهم التقليديين حتى أصبحوا فريسة سهلة للأعداء يفعلون بهم ما يشاؤن ويوجهونهم حيث يشاؤن، غرسوا العداوة فيما بين المسلمين الأشقاء حتى ظن الشيعي المسلم على السني المسلم ظن السوء واتخذه عدوا يترقب خطاه كما ظن السني ظن السوء نحو أخيه الشيعي المسلم واتخذه عدوا يراقب خطواته دائما ونسوا العدو الحقيقي الذي يريد بهم الشر ويكيد لهم المكائد في كل وقت وحين.
الغريب أن اختلاف المذاهب وحتى الدين والنظرية لم يمنع أعداء المسلمين من الصليبيين والصهيونيين والماسونيين والشيوعيين والمجوس وغيرهم من أن يتفقوا فيما بينهم على معاداة الإسلام والمسلمين ومحاربتهم وإلحاق الأذى بهم كالتخريب ونهب الثروات وتوجيه معاول الهدم الثقافي والفكري وغزو الأراضي الإسلامية، يختلفون فيما بينهم في كثير من الأمور ولكنهم يتعاونون ويتكاتفون في العمل ضد الإسلام وأهله. يريدون أن يطفئو نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. قال الشاعر المسلم مصطفلى عكرمة :
فعلام با أهل التقى لم تلتقوا وعلام يا أهل التوحيد لا تتوحد
اتوحد الأحقاد كل خصومه ومنابـت التـوحيـد لا تتوحد
الله أرشدهـم بحكـم آيـة وأرى بأنهم أبو أن يرشــدوا
يسترحمون نظام أخزىعالم هو بالظلوم وللظلوم مشيــد
ما كان يوما بالجديد نظامهم ما دام فيه من أضل يسـودوا
٢- التخلف العلمي:
تخلف المسلمين عن ركب العلم أصبحت ظاهرة طبيعية ومتوارثة في المجتمع الإسلامي في حين نرى الغرب وزمرة الأحقاد دائما يتقدمون علميا وتقنيا وهذا الوضع المؤسف جعل الامة الإسلامية تابعة تجري ورائهم دائما وتكون لهم الغلبة والسيطرة على المسلمين بعد أن كانت الأمة الإ سلامية الرائدة في مجال العلم والبحوث. هذا الخطر الجسيم يفوق جميع المخاطر التي تواجه الأمة الإسلامية في خطورته، لذا يجب على العلماء والمفكرين ورجال الدولة العمل من أجل الإرتقاء العلمي بين المسلمين ومواكبة عصر التقدم العلمي والتقني حتى لا يكون المجتمع الإسلامي تحت رحمة الأعداء يسيرونه كما يشاؤن.
الحقيقة الظاهرة هي أن أمة الإسلام هي التي كانت رائدة في العلم أنقذت البشرية من ظلمات الجهل وسلكت به مسلكا قويما وأوصلتها إلى حضارات فتحت للبشرية أبواب العلم بالتباعها هدي الله الذي أنزله على رسوله " اقرء باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرء وربك الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ".
۳- الحصار العلمي :
إن جبهة الأعداء قد فرضت الحصار العلمي على الشعوب الإسلامية لإبقائها في عالم الجهل والتخلف وتحاول إحتكار العلم لتبقى متفوقة ومسيطرة على الشعوب المستضعفة لذا يجب كسر هذا الحصار وتفهيم هذه الطقمة الباغية على إن العلم للجميع والله يقول : "يؤتي الحكمة من يشاء" والقيام بعمل جاد مع تعاون دولي إسلامي لكسر هذا الحصار وإظهار الإرادة الإسلامية وقوتها على أن المسلمين قادرون على كسب المعرفة وتوسيع نطاق المعرفة بين الشعوب كما فعل الأولون إمتثالا لأمر الله حيث نشروا العلوم فى جميع أقسام العالم.
ومضات مضيئة ومبشرة : بفضل من الله العلي القدير واهب المنن لقد أعلنت الجمهورية الإسلامية فى إيران على المضي قدما إلى الأمام في برامجها العلمي قائلة إن العلم للجميع ولا يمكن لأحد أن يحتكرها وأبدت إستعدادها لتوفير العلم والتعاون على نشره وتعميمه معلنة أن إحتكار العلم بيد فئة خاصة خطر على السلام العالمي فطوبى للعلماء الذين يعلمون ويعملون لمسعادة البشرية ورقيها.
٤- الخلافات بين الدول الإسلامية:
لقد أضرت الخلافات التي حصلت بين الدول الإسلامية والتي لا زالت موجودة ولم تجد الحل بسبب تضارب المصالح السياسية والإقتصادية، ومشكلة الحدود المصطنعة التي أوجدها الإستعمار، أو بسبب ارتباط بعض الدول بالدول الغير الإسلامية في مجال الإقتصاد والسياسة وفي بعض الأحيان بسبب الأحلاف العسكرية كل هذا أضر بمسيرة الدعوة الإسلامية ووحدة المسلمين. وهناك دول اسلامية طبقة العلمانية ولا تهتم بالدعوة الإسلامية وتتجنب عن دعم الدعوة الإسلامية وتتهم الدعاة المسلمين بالرجعية وفي بعض الوقت بالتمرد والإرهاب، اذ كل مناد ينادي لتطبيق الشريعة الإسلامية في نظرها ارهابي متخلف وتحاول جادة ارضاء جبهة العولمة والعلمانية حسبنا الله ونعم الوكيل.
فلم يقتصر الأمر على التفرق والإختلاف بل تطور إلى تنافر وتناحر ومحاربة وإن هذا التشرزم والإختلاف التي تعيشه الأمة الإسلامية يعرقل مسيرة الوحدة الإسلامية والدعوة الإسلامية ما لم يلتزم المسلمون حكومة وشعبا بقول الله عز وجل واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ولقد شدد الله عز وجل على وحدة المسلمين حيث قال في سورة الأنبياء إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبدون.
ما أكثر الطوائف المسلمة التي تقاتل بعضها البعض دون مبرر ودون مراعاة لحرمة دم المسلم. قال الرسول صلى الله عليه وسلم : كل المسلنم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه، الرسول (ص) ينهانا عن الإقتتال ويقول لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.
لماذا ولحساب من يحرص البعض على إفناء البعض الآخر؟ ويقف المسلمون عاجزين عن إيقاف مثل هذه العمليات والأعداء متربصون للإنقضاض على الأمة الإسلامية وتدمبر قدراتها.
لننظر الحروب الطائفية والقبلية التى تجرى الآن في البلدان الإسلامية كم أفنت من الناس , وكم إستنفذت من مقدرات الأمة الإسلامية من تراث ومن أرواح أبنائها وأطفالها ونسائها ورجالاتها دون مبرر؟ ومما يؤسف له ويدمى القلب هو إلقاء القنابل وإستعمال أسلحة الرشاشة في المساجد وقتل المعتكفين في بيت الله يذكرون الله ويستغفرونه، فى بيت أذن الله أن يذكر فيها اسمه يحس فيه المعتكف أو المصلي أو المتعلم الأمن والإستقرار وهو أمام الله. وليست هناك جريمة أفظع من هذا العمل.
٥- ترك ركن (مشاكل داخلية) :
الدعوة الإسلامية هي دعوة إلى الخير والتعاون ونبذ المنكر والتحلي بالأخلاق الحميدة وتنفيذ ما أمر الله به واقامة العدل والتعاون وترك ما نهى عنه قال الله عز وجل " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ".
في عالمنا المعاصر وفي غالبية المجتمع الإسلامي تخلى المسلمون عن ايتاء الزكاة الذي هو من أحد اركان الاسلام، هذا الركن المهم والمفروض على كل مسلم ومسلمة هو احد دعائم الخير والتعاون فرضه الله على الغني ان يؤديه كل حول يعاون الغني اخوه الفقير ويقلل من معاناته ويساعده على الخروج من العسر والفاقة وهو نوع من التكافل الاجتماعي الذي يضمن الوحدة الإسلامية ويجسدها واقعيا.
لذا اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده الخلفاء من جمع الزكاة من الاغنياء وتفريقه على المحتاجين وهم الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز فبذا كان المجتمع الاسلامي في ذلك العصر متعاونا بالزكاة ومتحابا في الله. واوجدت هذه العملية المباركة علاقة قوية ومحبة صادقة بين افراد المسلمين، ولاهمية الزكاة وجمعها وتوزيعها على المستحقين قال الصحابي ابو بكر الصديق رضي الله عنه وهو الخليفة الاول حين اشتعلت نار الردة متحدثاعن الزكاة " والله لو منعوني عقالا لحاربتهم " وهذا يوحي باهمية جمع الزكاة لكونه ركنا من اركان الاسلام الخمس ووجوب تطبيقه.
أين المجتمع الاسلامي في هذا العصر؟ هل يؤدي الزكاة على الوجه الاكمل، وهل تولت الحكومات الاسلامية تطبيق هذا الركن وحاسبت كل فرد عن أدائه لانها مسؤلة عن تطبيق ركن فرضه الله، حيث قال " خذ من اموالهم صدقة تطهرهم " والجواب الصريح هولا لاالافراد ولا الحكومات طبقت هذا الركن وسعوا جميعا لاداء الركن المفروض. اذن ترك ركن من ركن الاسلام يجعل المسلم مسؤلا امام الله، ومن ناحية اخرى فان اهمال تطبيق الزكاة قد اضر بالمجتمع الاسلامي وساهم في اضعاف المجتمع الاسلامي اقتصاديا اذ يبقى الفقير فقيرا دون معاونة تساعده للخروج من الفقر وتساعده على الارتقاء اقتصاديا والإكتفاء بنفسه.
غريب جدا تطبيق الضرائب المفروضة الوضعية واهمال فرض عين فرضه الله وجعله ركنا من اركان الاسلام وهوالزكاة الذي هو ميزةالاسلام في العدالةالاجتماعية في مجال التعاون والتكافل والتراحم. والزكاة حق من حقوق الطبقة الفقيرة والمحتاجين على الاغنياء اوجبه الله عليهم، اذن فواجب الحكومات الاسلامية القيام بتطبيق هذا الركن المفروض وعدم اهماله.
٦ - إباحة محذور:
لقد ابتليت الحكومات الاسلامية والامة الاسلامية بالتعامل الربوي وسمحت الحكومات الاسلامية للبنوك الربوية للعمل علنا في بلادها وهذا ينافي التعاليم الاسلامية الصريحة قال الله عز وجل " احل الله البيع وحرم الربا " وفي آية اخرى قال الله سبحانه وتعالى " ولا تاكلوا الربا اضعافا مضاعفا "وينذرويحذر من عاقبة التعامل الربوي في قوله " يمحق الله الربا ويربي الصدقات "
اباحة المحذور والتعامل به هو خروج عن الدين والخروج عن الدين وافساد المجتمع الاسلامي وجره الى ما لا يرضي الله يجلب الضرر وتكون عاقبته وخيمة وهي غضب الله ونزول البلاء والعقاب.
هنا نحاول لفت الانظار وهو ما حل بالبنوك الربوية العالمية في الوقت الحاضر بالرغم من عالميتها وضخامة اموالها وقوة ادارتها وكثرة رجالاتها الاقتصادية الذين يدعون المعرفة بامور الاقتصاد والتعامل المالي, هوت هذه البنوك الى الهاوية واعلنت خسارتها لانها كانت بنوكا استغلالية ربوية فاسدة يديرها اليهود والصهاينة المفسدين في الارض والطبقة المستغلة الرئسمالية من الصليبيين وكلهم هدفهم الاستغلال والعبث باموال الناس. يتسائل العالم الحائر اين ذهبت الاموال ولماذا خسرت البنوك العملاقة وهددت الآلاف من العاملين بفقدان عملهم وهناك الملايين مهددون بالبطالة بسبب الازمة الحالية والجواب الصريح والذي لا يقبل التاويل هو فساد القائمين بهذه البنوك والانظمة التي تتبعها هذه البنوك. تذكروا قول الله " يمحق الله الربا ".
والى الدول الاسلامية والامةالاسلامية نوجه ندائنا وندعوا كل مسلم العودة الى حظيرة الدين واغلاق البنوك الربوية وعدم التعامل معها في اية بقعة كانت حتى لا تحل علينا غضب الله كما حلت بهم وخسروا خسرانا مبينا. ولا مخرج للعالم من هذا المازق المالي الذي يواجه العالم الا باتباع هدي الله. " الاسلام هو الحل " ففي الاسلام الحل الشامل والكافي للمشاكل الاقتصادية ولا ينفع الدعم.
وقد ظهر على الافق بعض آثار غضب الله على الخارجين عن هديه وعلى الظالمين والمستغلين فتهاوت المؤسسات الاقتصادية وأعلنت افلاسها فاين المفر؟ ولاملجا الا الى الله الواحد الرزاق ذو القوة المتين. هذا تحذير من الله لجميع الذين يدعون اموالهم في البنوك الغربية الربوية لا يثقون بانفسهم ولا بنظامهم الاسلامي ولكنهم وثقوا باعدائهم وستكون العاقبة وخيمة قال الله عز وجل ولا تامنوا الا لمن تبع دينكم وقال أيضا : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود ولا النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض.
وبكل تقدير واحترام وثقة نوجه اهتمام علمائنا الاجلاء الى هذه الخطورة من اباحة المحذور المتفشي في المجتمع الاسلامي والدول الاسلامية وندعوا بكل احترام ان يقوموا بارشاد الامة الاسلامية وتوجيهها الى الطريق القويم في مجال الاقتصاد والاستثمار وتحذيرها من عاقبة التعامل الربوي وابراز مزايا الهدي الاسلامي في المعاملات المالية وسيكون هذا دعم للدعوة الاسلامية في المجتمع الغير الاسلامي إذ بإمكانهم أن يجدوا الحل الأمثل في الشريعة الاسلامية.
٧- الفرق الهدامة
من التحديات الخطرة هي ظهور الفرق الهدامة المتمردة على الاسلام كالقاديانية والبهائية والأحمدية المتحالفة مع الجبهة المعادية للاسلام وفي الآونة الاخيرة نشطت هذه الفرق الهدامة العميلة وبدأت تبث سمومها وفتنها في الصفوف الاسلامية.
هذه الفرق المتمردة تدعي الاسلام والاسلام بريئ منها وهي مدعمة من قبل اعداء الاسلام وتعمل بموجب توجيهاتها، تعمل بجد لتفريق المسلمين ونشر اباطيلها بينهم بهدف زعزعة ايمان المسلمين وجرهم الى هاوية الضلال تستعمل اساليب شتى لجر الشباب والمراة الى صفها.
وقد تسللت هذه الفرق الهدامة في المجتمع الاسلامي قديما بواسطة الاستعمار الصليبي البريطاني للبلدان الاسلامية وبعد الاستقلال تعاملت مع بقايا آثار الاستعمار في المستعمرات البريطانية سابقا، في الوقت الحاضر وجهت نشاطاتها وركزت اعمالها في القارة الافريقية حيث وجدت مجالا واسعا بواسطة تلامذة المستعمرين مستغلة الظروف الصعبة التي يعيشها الافارقة في الوقت الحالي ألا وهي الفقر والمجاعة والجهل والمرض والبطالة، هذه الفرق الهدامة هي اخطر من غيرها لأنها تدعي الاسلام وانها من الفرق الاسلامية والله يشهد انهم لكاذبون.
الظواهر والمؤشرات المبشرة :
لقد ظهرت على الساحة ظواهر ومؤشرات التي تظهر قدرة الاسلام على ايجاد الحل الامثل لمعانات البشرية وقيادتها الى الخير والسعادة. وقد شهدنا في القرن الماضي سقوط الايدلوجية الماركسية الالحادية وتفككها وظهور دول اسلامية وشعوب اسلامية كانت مضطهدة في الاتحاد السوفيت سابقا انقذها الله من شر الالحاد وفتنته بصبرها وثباتها على العقيدة الاسلامية فوجدت الحل الامثل للعيش في هذه المعمورة في الاسلام ونظمه الالهية.
وها نحن نرى تزحزح النظام الرئسمالي للدول الرئسمالية التي تدعي انها متقدمة ذات حضارة لا تتزحزح ومتقدمة في مجال العلم والتقني والعسكري، لقد عجز الذين يسمون بعلماء الاقتصاد انقاذها من الكارثة التي حلت بالمؤسسات المالية والشركات العالمية، كما تدهورت الاخلاقيات في هذه الدول وكثر فيها الارهاب والجرائم ووقعت شعوب تلك الدول في مستنقع الفساد الذي جلب لهم الامراض الفتاكة والمستعصية ولا بديل لهذه المشاكل غير الاسلام نظمه واخلاقياته كافية لاخراجهم من المازق الذي هم فيه الآن، الاسلام هو المنقذ الاول والاخير الاسلام هو المؤهل للقيام بدور الانقاذ وقيادة البشرية إلى الخير.
لقد عجز الغرب وحلفاؤه وظهرت علامات عجزهم على تحقيق أهدافهم التى وضعها لهم فلاسفتهم الدجالين المضلين الذين تكهنوا بزوال الإسلام ونظمه وحضارته المبنية على التوجيه الإلهي، ولقد كذب وفشل فلاسفة الغرب الذين ادعوا على أن الحضارة الغربية بديباجها المسيحي ونظامها الرئسمالي ستسود العالم وأن الحضارة الآخرى ستزول عجبا !!! ذهبت ادعاءاتهم أدراج الرياح.
لقد غفل هؤلآء كما غفل من كان قبلهم على أن الإسلام وحضارته المبنية على الأسس الإلهي لن يخمد نوره ولن يتأثر بأقوال الحاقدين ولا بنظريات المارقين لأنه دين ارتضاه رب العباد للبشرية جمعاء.
نقول بكل ثقة بالله وإيمانا به وبرسوله الهادى الأمين وبنصره الذي وعد به المؤمنين إن الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية لن يذوبا أبدا ولا يمكن لأحد مهما تجبر إزالتهما. وسيستمر الإسلام دينا قويا يملك الحضارة النقية بحول الله وقوته حتى يرث الله الأرض ومن عليها محتفظا بمزاياه وخيراته لأنه يستمد نوره من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل منم بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حميد عليم ومن هدي الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله. قال الله عز وجل : قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين.
ان علماء الاسلام والمفكرين المخلصين يرون في الإسلام الحل الأمثل لمشاكل البشرية كلها وخصوصا لمشاكل الامة الاسلامية التي تاثرت بسبب اتباع نهج الغرب في معالجة مشاكلها الاقتصادية ونظام الحكم فيها ووضع المراة والشباب التائه ندعوا الله سبحانه وتعالى الخير.
الخاتمة:
حاولنا بقدر المستطاع ذكر بعض التحديات الخارجية والداخلية ومخاطرها فلننظر كيف نتصرف ازائها وماذا نعمل ازاء هذه التحديات المهددة والخطرة. لذا يجب على الامة الاسلامية وقياداتها القيام بعمل جدي ومبرمج وتنفيذه دون تردد، اننا نعتقد ان الامة الاسلامية في هذا العصر شواقة ومستعدة لمواجهة الاعداء والتصدي لهم وابطال مخططاتهم كما هي على اتم الاستعداد للقيام بالواجبات التي تقتضيها الحال من معالجة المشاكل وايجاد الحلول لها كما هي ايضا شواقة الى الوحدة وحدة الامة الاسلامية ومستعدة للحفاظ على الكيان الاسلامي في اي بقعة كان، ولذا نوصي بما يلي :
١- نبذ الخلافات المذهبية والعمل بجد للتقريب بين المذاهب الاسلامية واتباعها تطبيقا لقوله جل وتعالى " انما المؤمنون اخوة " وقوله " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة واولئك سيرحمهم الله ان الله عزيزي حكيم "
۲- نبذ الخلافات بين الحكومات الاسلامية وعدم فتح ثغرة للاعداء لتفريقهم وتشتيت كلمتهم والحيلولة دون ايجاد وحدة اسلامية قوية والله يقول " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "
۳- تقوية منظمة المؤتمر الاسلامي التي علق عليها المسلمون آمالهم وجعلها منظمة اسلامية قوية تقود الامة الاسلامية الى الوحدة الاسلامية الشاملة وترعى مصالح وحقوق الأقليات الإسلامية في العالم وتواجه التحديات وتعمل لردع الخلافات بالحكمة والموعدة الحسنة.
٤- التعاون السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعلمي بين المسلمين والحكومات الاسلامية بشكل واسع ومحاربة الفقر والجهل بهدف الوصول الى الاكتفاء الذاتي في كل المجالات.
٥- نشر الثقافة الدينية والدنيوية ونشر التعليم وتحصين الامة الاسلامية من الروافد الخبيثة والافكار الهدامة والتركيز على البحوث العلمية.
٦- انشاء نظام التكامل والتعاون الاجتماعي على الاسس الاسلامية وتفعيل دور الزكاة المهمل في مستوى الحكومات لتعليم المحتاجين والاخذ بآيادي الفقراء والملهوفين وايواء المهاجرين والمشردين ومداواة المرضى، تطبيقا لفريضة الزكاة التي فرضها الله على كل مسلم ومسلمة، ونرى في الوقت الحاضر اهمال المسلمين لهذا الركن المهم وتركه ويجب تفعيله والعمل بما امر الله به.
٧- تقوية مراكز الدعوة الاسلامية في العالم وتأهيل الدعاة باتباع امر الله " ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن "
٨- التصدي بكل قوة للاعلام الغربية الفاسدة وحماية اجيال المسلمين من آثارها وسمومها وذلك بتوعية الامة الاسلامية.
٩- نبذ المناهج الغربية والعمل على ايجاد منهج تربوي وثقافي اسلامي موحد مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية.
١٠- عدم الرضوخ لما يسمى بالاصلاح الذي تدعوا اليه جبهة الاعداء، وهل يتوقع اي اصلاح من الذين يريدون الشر للاسلام وازالته واوجه الشر هي علمانية التعليم فى إنشاء الجيل الجديد وهذا يعني ابعاد النشئ عن الدين واسسه واخلاقياته، والعولمة وهذه اشر من اختها واخطر التحديات التي تواجه العالم باسره اذ هي تحاول ازالة الثقافات والتقاليد الدينية واذابتها.
١١- توعية المسلمين عبر الوسائل المتاحة توعية دينية وبث الثقافة الاسلامية وافشاء القيم الاخلاقية الحميدة بدرجة تمكن الفرد المسلم من التمييز بين الثقافة الاسلامية الاصيلة والثقافة الغربية المنحلة والفاسدة.
١٢- تفعيل دور المسجد في الاصلاح ونشر الدعوة الاسلامية، وجعله مقرا في كل حي لانطلاق الدعوة الاسلامية وتوجيه المسلمين ومنارة اشعاع النور كما كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بهدف الاصلاح وتغيير واقهنا الاليم وهو التقليد الاعمى للغرب. ولقد كان للمسجد دور فعال ومؤثر في توجيه الامة الاسلامية الى الخير وتوحيد كلمتها وللاسف الشديد في الوقت الحاضر يفتح المسجد عند الاذان ويغلق بعد اداء الصلاة وهذا تقليد للكنائس وايقاف لدور المسجد في الاصلاح.
١۳- احياء دور العلماء فى إدارة كفة الحكم وعدم تهميشهم لأنهم ورثة الأنبياء وعليهم تقع مسؤولية توجيه المسلمين إلى الطريق القويم.
١٤- إدانت الإعتداءات الغاشمة التى قامت بها فى غزة من قتل وتدمير ومجزرة جماعية وحشية لم يسبق لها مثيل ومطالبت المجتمع الدولي بفرد عقوبات على هذه الدولة المغطرسة والمعتدية بلا حدود وتقديم قوادها الإرهابيين إلا المحكمة الجنائية.