البيان الختامي للمؤتمر الدولي الحادي والثلاثين للوحدة الاسلامية / طهران ـ ربيع الأول 1439 هـ

وفيما يلي نص البيان:


بسم الله الرحمن الرحيم

البيان الاختتامي للمؤتمر الدولي الحادي والثلاثين للوحدة الإسلامية

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين ومن اهتدى بهداه الى يوم الدين .

بفضل الله وعونه وقوته وتسديده انعقد المؤتمر الحادي والثلاثون للوحدة الإسلامية في طهران في الايام 16 – 18 ربيع الأول 1439 (5-7 كانون الأول ديسمبر 2017) بمناسبة المولد النبوي الشريف وأسبوع الوحدة الإسلامية تحت عنوان: "الوحدة ومتطلبات الحضارة الإسلامية الحديثة" بحضور علماء ومفكرين وباحثين وإعلاميين من اكثر من 63 دولة من دول العالم.

افتتح المؤتمر بكلمة هامة ألقاها حجة الإسلام والمسلمين الدكتور حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية تلتها كلمة ترحيبية ألقاها سماحة آية الله الشيخ محسن الاراكي الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، تم توالت كلمات الشخصيات خلال أربع جلسات عامة من اليوم الأول إلى الثالث من أيام المؤتمر، وخلال هذه الأيام انتظمت ثماني لجان تخصصية، قدّم فيها المشاركون أوراقهم فيما يرتبط بعنوان المؤتمر ومحاورة.

وفي اليوم الثاني للمؤتمر التقى المشاركون بسماحة الإمام الخامنئي قائد الثورة الإسلامية واستمعوا الى توجيهاته السديدة بشأن قضايا العالم الإسلامي.

وخلص المشاركون الى النتائج والتوصيات التالية:

1 – أكد المشاركون على أن العالم الإسلامي يمتلك كل مقومات استعادة حركة الحضارة الإسلامية على مستوى العصر، وأن هذه الحضارة الحديثة تستطيع أن تقدم للبشرية المشروع الذي ينقذها من المآسي والويلات التي تضجّ بها الساحة الإنسانية اليوم.

2- اتفق المشاركون على ضرورة مواجهة السياسة الامريكية الجديدة في تهويد القدس الشريف والسيطرة على مقدسات المسلمين، مواجهةً شاملةً ولابد من انتفاضة فلسطينية جديدة تدعمها كل القوى الداعية الى التحرر وحقوق الانسان وكل القوى السياسية وغيرها في مختلف مناطق العالم وخاصة العالم الإسلامي.

3– رأى المشاركون ضرورة احياء الحضارة الاسلامية في صورتها الملائمة لحاجات الإنسان المعاصر ورأوا إن إقامة الحضارة الإسلامية تعني إحياء هذه الأمة وبهذا الإحياء ترتبط أجزاؤها عضوياً بحيث إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وبذلك تتحقق الوحدة الإسلامية الحقيقية، كما تعني أن يجد شباب العالم الإسلامي هويته الحقيقية وأهدافه الكبرى في الحياة.

4- الأحياء الحضاري يتطلب إحياءاً ثقافيا، وأهمّ مفردات الاحياء الثقافي هو الارتباط بالمثل الأعلى المطلق سبحانه وتعالى وغرس روح العزّة والثقة بالنفس في الأمة وخاصة جيلها الصاعد.

5- إن الإحياء الثقافي قادر على أن يقي شباب الأمة من السقوط في شراك المجموعات المتطرفة والتكفيرية، كما يقيها من الوقوع في مستنقعات الرذيلة والأهواء الدنيئة التي يسعى أعداء الأمة إلى إشاعتها بين المسلمين.

6- يرى المشاركون أن مسيرة الحضارة الإسلامية الحديثة تبدأ أول ما تبدأ بالإيمان وبنشر فضائل الأخلاق وتطبيق القيم الإسلامية في العدالة والمساواة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع، لا بالوعظ وحده بل بالعمل الجاد وتقديم الأسوة الحسنة.

7- من معوقات النهوض الحضاري للمسلمين فرض ظاهرة العدوّ الصهيوني باعتبارها واقعاً لا يمكن انكاره وباعتبارها القوة التي لا تقهر. وسبيل مواجهة هذه الغدة السرطانية دعم جبهة المقاومة بكل ألوان الدعم وإبراز الانتصارات التي حققتها جبهة المقاومة والتأكيد على حتمية زوال إسرائيل.

8- من أهم تحديات النهوض الحضاري للعالم الإسلامي هي ما تشنه قوى الهيمنة العالمية من غزو ثقافي، ولا سبيل لمواجهة هذا الغزو إلّا بتقديم الثقافة الإسلامية الأصيلة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.

9- أحد أسلحة قوى الهيمنة الغربية للسيطرة على العالم الإسلامي إثارة عاصفة الشهوات بين المسلمين وخاصة بين الشباب في شبكات الاتصال والفضائيات. ولمواجهة هذا التحدي لابد من البحث عن سبيل المواجهة في حلقات دراسية يشترك فيها علماء النفس وعلماء الاجتماع والمفكرون والفنانون.

10- إعلام العدوّ يسعى إلى غرس روح الذلة والشعور بالهزيمة النفسية في المجتمعات الإسلامية، ولابد من تظافر الجهود الاعلامية المخلصة تساندها مناهج التربية والتعليم والجامعات وجميع العاملين في الحقل الثقافي لخلق الشعور بالقوة والعزّة والكرامة في المجتمعات الإسلامية.

11- تستطيع الحضارة الإسلامية الحديثة أن تزيل الآثار السلبية التي تركتها الحضارة المادية الغربية على الساحة البشرية إذ إنها حضارة تقوم على تكريم الإنسان بينما الحضارة الغربية تسحق كرامة ملايين البشر من أجل تحقيق مصالحها.

12- يتزعم جبهة محاولة إذلال المسلمين أمريكا والعدوّ الصهيوني، وهذه الضجّة التي تثار اليوم لتهويد القدس وتهديد المسجد الأقصى تأتي في سياق هذه المحاولات، ولابد للأمة أن تنهض يداً واحدة وبصوت واحد للوقوف بوجه هذا التآمر الخَطِر الجديد.

13- الحضارة الإسلامية تحترم الأديان السماوية كلها، وترى أن العلاقة ببقية هذه الأديان تقوم على أساس (تعالوا إلى كلمة سواء) بينما موقف الحضارة الغربية من الأديان يؤدي إلى الصدام الثقافي والتضاد الاجتماعي.

14-دعا المجتمعون إلى السعي لدراسة القرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة أهل البيت(ع) والصحابة الاخيار والتاريخ الإسلامي وآداب الشعوب الإسلامية برؤية حضارية تساعد على النهوض الحضاري.

15- أكّد المجتمعون على ضرورة دراسة المشاريع المقترحة في مجال الحضارة الإسلامية الحديثة من قبل المفكرين الاسلاميين وكذا دراسة المشاريع الحضارية الاسلامية المعاصرة وما حققته من نجاحات وما منيت به من إخفاقات باعتبارها تجارب قادرة على تسديد مسيرة المستقبل.

16- دعا المؤتمرون إلى دراسة التقدم الحضاري الكبير الذي حققته الجمهورية الإسلامية، وعوامل نجاح مشروع الإمام الخميني (رض) في استنهاض الأمة.

17- أكد المؤتمرون على أهمية دور المرأة والأسرة في البناء الحضاري، وشدّدوا على حضور المرأة في ساحة المجتمع في إطار المرجعية الأصلية الفقهية لكي تؤدي دورها البنّاء في المسيرة الحضارية.

18- رأى المؤتمرون أن الانتصارات التي تتحقق في العالم الإسلامي تقترن دائمًا بتصاعد روح الوحدة والتقارب بين المسلمين، وهذا يؤكد حقيقة اقتران الوحدة بشعور العزّة والكرامة وبعقد الأمل على مستقبل أفضل، مما يدعو إلى ضرورة تعزيز هذا الشعور وتقوية هذا الأمل.

19- رأى المشاركون أن ما تتعرض له بعض البلدان الإسلامية وشعوبها من تدمير وقتل كالذي يجري في اليمن وجرى في العراق وسوريا ما تجري من عمليات إرهابية هنا وهناك في العالم الإسلامي إنما يأتي ضمن خطة الغارة الجديدة على المسلمين لتشويه صورة الإسلام أمام العالم ولتضييع فرص التنمية والبناء الحضاري في المنطقة الإسلامية.

20- يتوجه المشاركون إلى تلك الحكومات والفئات في داخل العالم الإسلامية التي تنفّذ أهداف الاستكبار والصهيونية في التدمير وتضييع الفرص أن تكفّ عن الارتماء في أحضان أعداء الأمة قبل أن تنال عقاب الله سبحانه وتعالى بيد الشعوب والمقاومين الأحرار.

21- يؤكد المشاركون أن العالم الإسلامي يشكل بمجموعه من طنجة إلى جاكارتا دائرة حضارية واحدة ولابد أن يتنبّه لذلك كل العاملين في الأمة كي يتخذوا الموقف الإسلامي الموحّد تجاه ما يواجههم من تحديات.

22- يتقدم المؤتمرون بوافر الشكر وجزيل التقدير للسيد الإمام الخامنئي قائد الثورة الإسلامية لتأكيده المتواصل على اقتران الوحدة بالحضارة الإسلامية الحديثة، وعلى ضرورة توجه الأمة نحو البناء الحضاري الإسلامي الحديث باعتباره الهدف الكبير الذي يجب أن يسعى إليه المسلمون.

23- يؤيد المشاركون كل التأييد تأسيس (المنظمة العالمية للحضارة الإسلامية الحديثة) ويدعون المفكرين والعلماء للمشاركة الجادة في هذا المشروع.

24- يطالب المشاركون تشكيل لجنة لمتابعة نتائج المؤتمر وتوصياته وتقديم الاقتراحات بشأن تنفيذ ما خلص إليه .

انعقد على هامش المؤتمر اجتماع ضم عدداً من الشخصيات البارزة المشاركة في المؤتمر وقرروا تشكيل لجنة لمتابعة قضايا العالم الإسلامي المهمة وأصدروا بياناً في هذا الشأن.

25- يتقدم المشاركون بالشكر الجزيل للجمهورية الإسلامية الإيرانية وإلى المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية وأمينه العام على الدعوة والاستضافة وحسن تنظيم المؤتمر سائلين الله أن يوفق أمتنا لاستنهاض حضاري يوحد الصفوف ويؤلف بين القلوب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.