المؤتمر الدولي الخامس والعشرون للوحدة الاسلامية / ربيع الأول 1433 هـ . طهران

البيان الختامي

للمؤتمر الدولي الخامس والعشرين للوحدة الإسلامية

طهران 15-17 ربيع الأول 1433

 

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد خلقه محمد وآله الطاهرين وصحبه الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

فبعون الله تعالى، وبمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية في ذكرى ميلاد الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام جعفرالصادق(عليه السلام)، عقد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية مؤتمره الدولي الخامس والعشرين للوحدة الإسلامية بطهران من 15-17 ربيع الأول 1433هـ الموافق 8-10 فبراير/شباط 2012م بحضور المئات من الشخصيات العلمية من الجمهورية الاسلامية الايرانية ومن سائر أنحاء العالم. وقد خُصص هذا المؤتمر لدراسة موضوع (تقييم مسيرة مجمع التقريب خلال عشرين عاماً وندوة الصحوة الاسلامية).

وقد افتتح المؤتمر سيادة الدكتور محمود أحمدي نجاد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية بكلمة جامعة ، كما حظي المشاركون بلقاء قائد الثورة الإسلامية سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) وتبادلوا الحديث معه واستمعوا بهذه المناسبة إلى حديثه التوجيهي القيم.

وتدارس المؤتمرون موضوع المؤتمر على مدى ثلاثة أيام وفي ثلاثين جلسة عمل ومن خلال عرض مائة وخمسة وعشرين بحثاً وكلمة.

 

وفي ختام جلساته أصدر المؤتمر التوصيات التالية:

أولاً: يؤكد المؤتمرون انطلاقا من مسلمات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أن الإسلام جامع لأهل القبلة، ودليلُه الشهادتان اللتان تعصمان دم الناطق بهما وماله وعرضه، كما يرون أن التقريب بين المذاهب الإسلامية سبيل مهم لتحقيق وحدة الأمة في شتى المجالات، وأن المذاهب الإسلامية التي تؤمن بأركان الإسلام وأصول الإيمان ، ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة، يؤلف المنتمون اليها بمجموعهم الأمة الإسلامية الواحدة، وتتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم، ويتعاونون لتحقيق الأهداف الإسلامية السامية، وأن الاختلاف السياسي لايجوز أن يستغل الاختلافات العقدية أو التاريخية أو الفقهية، وأن إثارة أية فتنة طائفية أو عرقية لاتخدم إلا أعداء الأمة، وتحقق خططهم الماكرة ضدها، وتكرس احتلالهم البغيض لأرضها وينبغي مقاومتها بالوسائل كافة.

ثانياً: يؤكد المؤتمرون على أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة حققا للأمة الاسلامية أجواءً انسانية حضارية رائعة، وأشاعا العقلانية وروح الحوار البناء، وحرية الاجتهاد بضوابطه الشرعية، وغرسا روح الأخوة والوحدة بعد أن وضحا خصائص الأمة الاسلامية ورسالتها السامية إلى العالم كله ومن ثم كان تعدد المذاهب حالة طبيعية لها أثرها الإيجابي في تنوع الحلول للمشكلات على ضوء أحكام الشريعة الإسلامية وأصولها.

ثالثاً: يؤكد المؤتمرون أن الأمة الإسلامية تواجه تحديات كبرى تستهدف عقيدتها وشخصيتها وثقافتها ومقومات وجودها ودورها الحضاري المنشود وتتعرض لمؤامرات لتمزيقها جغرافياً، ولغوياً، وقومياً، ومذهبياً، بل وتاريخياً. كما تسعى لإبقائها متخلفة على الصعد الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والعسكرية وغيرها. وتخطط لإبعادها عن إسلامها والتشكيك في قدرته على مواجهة المشاكل الحياتية المستحدثة، وإشاعة السلوكيات المادية المنحرفة عما رسمته الشريعة، وزرع حالة التقليد والتبعية للغرب والانبهار به. وكذلك عبر إضعاف التربية والتعليم الإسلاميين والتشكيك في قدرتهما على النهوض بالأمة، واختراق الإعلام الإسلامي بإشاعة روح الهزيمة والإذعان والانحلال الخلقي لئلا يقوم بدوره المطلوب في وأد الفتن والتوعية وبناء الشخصية الاسلامية المتوازنة.

رابعاً: يرى المؤتمرون أن الأهواء والنزعات السياسية، وشيوع حالات التعصب، وجهل بعض أتباع المذاهب بحقيقة المذاهب الاخرى انحرفت بالحالة السوية تلك إلى حالة طائفية ممزقة سادتها ظاهرة الغلو والتكفير والتطرف والتنافر والتمزق ونقل النزاع الفكري إلى الساحة العملية مما ترك آثاراً سلبية خطيرة على قوة الأمة وتماسكها وسهل السُبل ليقوم اعداؤها بطعنها في صميم عقيدتها وتوجهاتها النظرية والعملية الأصيلة.

خامساً: تحقيقاً لهذه الوحدة بين أهل القبلة، ولهذا التقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية، يدعو المؤتمرون إلى وجوب احترام كل طرف منهم للآخر، وإلى ترك البحث في هذه الأمور الخلافية للعلماء والخبراء في بحوثهم العلمية، وعدم الإساءة والتشهير بأحد. كما يؤكد المؤتمرون على عدم جواز توجيه ما يُعدّ انتقاصاً أو إهانة لما يحترمه أي طرف، ويشمل هذا بوجه خاص عدم جواز انتقاص آل البيت أو أمهات المؤمنين أو الصحابة أو أئمة المسلمين، بالنيل منهم، أو التعرض لأي شيء يُنسب إليهم بأي نوع من أنواع الإساءة القولية أو الفعلية، وعدم جواز استباحة دور العبادة من مساجد و حسينيات وزوايا ومراقد. وفي هذا السياق يثمن المؤتمرون الفتوى التاريخية التي اصدرها سماحة الامام الخامنئي قائد الثورة الاسلامية بخصوص تحريم النيل من رموز المذاهب الاسلامية والإساءة لأمهات المؤمنين والتي لاقت الترحيب الواسع من لدن كبار علماء الامة والأوساط الدينية والازهر الشريف.

سادساً: يرى المؤتمرون أن هناك حاجة ماسة لوضع خطط تفصيلية لتحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية في المجالات التالية:

أ- رفع مستوى الوعي لدى المسلمين في مختلف المجالات وبخاصة في مجال فهم الإسلام وتعاليمه وأهدافه وفهم الواقع القائم على مختلف الأصعدة.

ب – مطالبة الدول الاسلامية بتطبيق الشريعة الإسلامية في كل مجالات الحياة.

ج – تفعيل العملية التعليمية والتربوية الشاملة لمختلف قطاعات الأمة وفق تعاليم الإسلام.

د- السعي للوصول إلى توحيد موقف الأمة عملياً من قضاياها الكبرى وتحقيق التكافل والتضامن بينها في مختلف المجالات.

هـ - تفعيل مؤسسات العمل الإسلامي المشترك كمنظمة التعاون الإسلامي والمنظمات غير الحكومية الدعوية والخيرية والتربوية والتعليمية والإعلامية.

و – الاستفادة الأنجع من الإمكانات السياسية والاقتصادية والجغرافية، والطاقات العلمية للأمة وتعبئتها لتحقيق الأهداف الكبرى ومقاومة التحديات.

ز- مساعدة الأقليات الإسلامية في أنحاء العالم على الاحتفاظ بهويتها وأداء شعائر دينها وتفعيل دورها في المجتمع، مع مراعاة حقوق غير المسلمين في المجتمع الاسلامي.

ح – العمل الجاد لتطبيق الاعلان العالمي الاسلامي لحقوق الإنسان الصادر من منظمة التعاون الاسلامي.

ط – تأكيد دور الشعوب الإسلامية في صنع مستقبلها والمشاركة الفاعلة في بناء ذاتها وصيغ حياتها الداخلية و المسيرة الحضارية الإنسانية.

ي ـ تربية الجيل الاسلامي على ثقافة المقاومة والعزة وتشكيل بناء مستقبلي أفضل مع التأكيد على الدور الهام للنساء والشباب.

سابعاً: يدعو المؤتمرون إلى الابتكار والابداع في مجال الفكر المؤدي إلى التقريب من خلال مايلي:

1 – تعميق المنهج الوسطي في فهم الشريعة .

2- مراعاة فقه الأولويات، ومعرفة المآلات، ومراعاة الظروف المتغيرة عند اتخاذ المواقف الشرعية.

3- مراعاة مقاصد الشريعة، وخصائص الإسلام العامة.

4- إحياء علم المقارنات و علم الخلاف.

5- الاهتمام بعملية الاجتهاد الصادرة عن المجامع الفقهية.

6- الاهتمام بفقه النظريات الذي يختلف عن الاستنباط الجزئي.

7- الاهتمام بالتعمق في فكر التقريب في مختلف البحوث والدراسات ولاسيما الفقهية منها.

ثامناً: وعلى الصعيد العملي يقترح المؤتمرون مايلي:

1 – تعميم منطق الحوار بين المسلمين على الأسس الشرعية.

2- توعية النخبة والجماهير بثقافة التقريب، وتعميم روح الألفة والأخوة والمحبة بين قطاعات الأمة.

3- السعي المشترك المتضافر لاتخاذ المواقف الموحدة في كل القضايا المصيرية من قبيل:

أ - تنفيذ الشريعة الإسلامية

ب - مواجهة التحديات الكبرى

ح - تقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة.

4- تشجيع إنشاء المؤسسات الوحدوية والتقريبية على كل الصعد الإعلامية والاجتماعية والتربوية في كل مكان .

5- تشجيع الدراسات التقريبية في الجامعات عبر فتح الأقسام الجامعية في هذا التخصص وتشجيع الرسائل وتقوية التبادل التخصصي .

6- ضبط عملية الفتوى وفق الضوابط التي أقرتها المجامع الفقهية.

تاسعاً: يعلن المؤتمرون أن الدعوة إلى التقريب لاتعرف التعصب المذهبي أو محاولة نشر مذهب بين أتباع مذهب آخر وأن كل ما يُقال عن أنّ هذه الدعوة ليست خالصة لوجه الله لاأساس له من الصحة وهو محاولة للتشكيك في العمل التقريبي ورسالته الاسلامية.

عاشراً: يدعو المؤتمرون الأخوات المسلمات ممن يتمتعن بالقدرة العلمية الى المساهمة بأبحاثهن وآرائهن في انجاح الدعوة الى التقريب وأن يكون لهن دورٌ واضحٌ في مؤتمرات الوحدة الاسلامية ونشر الوعي التقريبي بين الأسر.

حادي عشر: يرى المؤتمرون أن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية قام – خلال مسيرته التي دامت عشرين عاماً – بأدوار مهمة لتحقيق ما مرّ في المواد السابقة بشتى الوسائل المتاحة. بيد أن هناك بعض المعوقات والنواقص التي يجب رفعها لتتضاعف الجهود وتتسارع الخطى لتحقيق الأهداف المنشودة. ومن ثم يقترح المؤتمرون الأمور التالية:

1 – العمل على تطوير الجمعية العمومية وتوسيعها.

2 – العمل على رفع ميزانية المجمع إلى مستويات تلبي الحاجة.

3 – العمل على توسعة نشاطات المجمع للمساهمة النشطة في عملية تعميق الصحوة الإسلامية وترشيدها والمنع من تحريفها من قبل العناصر المشبوهة.

4 – العمل على إيجاد مراكز إقليمية تابعة تقوم بتنفيذ برامج تقريبية، وترصد كل التحركات المعادية.

5 – توسعة النشاط على الشبكة العنكبوتية من حيث دائرة المخاطبين واللغات والنشاطات.

6 – التوسع في إصدار المجلات بمختلف اللغات ورفع مستوى الطباعة والكمية اللازمة.

7 – توسعة النشاطات الإعلامية المسموعة والمرئية، وزيادة النشاطات الفنية، وإنتاج برامج تتناسب ومختلف الأصناف الاجتماعية.

8 – الاهتمام بالثقافة الشعبية التقريبية وتعميقها في مختلف الأعمار.

9 – الاهتمام الزائد بالمواسم الدينية، وخصوصاً بالحج، والحضور الفعال فيها.

10 – السعي للحضور القوي في مختلف الجامعات والمراكز العلمية وتوثيق الصلة بشكل أكبر بالأساتذة والطلاّب.

11 – السعي لفتح فروع أكثر لجامعة المذاهب الإسلامية في إيران وخارجها.

ثاني عشر: يدعو المؤتمر المجلس الأعلى والأمانة العامة للمجمع لدراسة تقييمات اللجان و توصياتها التي شكلها في المجالات الدولية والثقافية والشؤون الايرانية، وكذلك دراسة مقترحات اللجان الدائمة للجمعية العمومية، واتخاذ ما يلزم لتنفيذها خلال السنوات الثلاث الآتية وتقديم تقرير بذلك الى الاجتماع القادم للجمعية العمومية.

ثالث عشر: يستذكر المؤتمرون كل الذين عملوا للحوار والتقريب والوحدة من الشيخ محمود شلتوت الى السيد جمال الدين الحسيني الى الشيخ محمد عبده الى باقي رواد التقريب كالامام البروجردي والامام الخميني والامام المودودي والامام كفتارو «رحمهم الله» والامام الخامنئي «حفظه الله» وغيرهم، الى الامام المغيب السيد موسى الصدر.

 رابع عشر: يدين المؤتمرون كل أشكال الاعتداء الصهيوني على شعبنا الصابر والمثابر والمرابط في فلسطين وخصوصاً ما جرى من جرائم وحشية في غزة البطلة الصامدة من تقتيل وتشريد للآلاف وكذلك ما يجري من هدم للمسجد الاقصى ومنازل‌ٍ الفلسطينيين في مدينة القدس وتهويدها، بالتغيير الديموغرافي في أرض فلسطين، كما يحيون جهاد الشعب الفلسطيني البطل ومقاومته الباسلة ويدعمون جهود المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وتوحيدها ويؤكدون من جديد على ضرورة تنفيذ الحقوق الفلسطينية المشروعة وأهمها حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة على الأراضي الفلسطينية كافة وعاصمتها القدس الشريف وحقهم في العودة إلى ديارهم. كما يطالبون المجتمع الدولي بمحاكمة المجرمين الصهاينة ومعاقبتهم على ما اقترفوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

خامس عشر: يعلن المؤتمرون أن المقاومة حق مشروع للشعوب، وهي تختلف اختلافاً جذرياً عن (الحرابة) التي تسمى اليوم بـ (الإرهاب) المدان إسلامياً وعالمياً، سواء كان فردياً أو جماعياً أو ما قد تمارسه بعض الدول.

سادس عشر:  يعتز المؤتمرون بالانتصارات الرائعة للشعوب الاسلامية على كثير من الصعد ومنها تغيير الحالة الدكتاتورية في تونس ومصر وليبيا واليمن ومواصلة الجهود للحصول على الحقوق المشروعة للشعوب الأخرى، كما يهنئون العراقيين بخروج قوات الاحتلال الامريكي من ارضه ويطالبونهم بالتكاتف لبناء بلدهم ووحدته وتماسكه ويحيون المقاومة الاسلامية والوطنية في لبنان.

سابع عشر: يحيي المؤتمرون جهاد الشعب الإيراني وقيادته في سبيل تطبيق شرع الله في مختلف مناحي الحياة، ويدينون كل تآمر على هذه المسيرة الخيرة، كما يعلنون دعمهم لموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تطوير قدراتها النووية  للأغراض السلمية ويدينون كل الأساليب الملتوية التي تحاول منعها  من الاستفادة من حقوقها المشروعة التي تكفلها لها القوانين الدولية. ويدعون بلدان العالم الإسلامي إلى الاستفادة من هذه التجربة.

ثامن عشر: يشكر المؤتمرون الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقائدها الإمام الخامنئي(دام‌ظله)، كما يشكرون المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية على إقامة هذا المؤتمر المبارك واستضافته، ويرون في إقامة أمثال هذه اللقاءات خيراً كثيراً.

وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلّم.