المؤتمر الدولي الثاني والعشرون للوحدة الاسلامية / طهران ـ 1430 هجري

 

 

البيان الختامي

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد خلقه محمد وآله الطاهرين وصحبه الميامين وبعد:

فبعون الله تعالى، وبمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية في ذكرى ميلاد الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام الصادق(عليه السلام)، عقد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية مؤتمره الدولي الثاني والعشرين للوحدة الإسلامية بطهران من 15-17 ربيع الأول 1430هـ الموافق 13-15آذار/مارس 2009م بحضور أعضاء الجمعية العمومية للمجمع من أنحاء العالم. وقد خُصص هذا المؤتمر لدراسة موضوع (الأمة الإسلامية، التحديات والخطط الاستراتيجية لمواجهتها).

وقد افتتح المؤتمر سماحة آية الله الشيخ هاشمي الرفسنجاني رئيس  مجلس الخبراء ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في الجمهورية الإسلامية الايرانية بكلمة جامعة، وحظي  المشاركون بلقاء سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) قائد الثورة الإسلامية واستمعوا بهذه المناسبة الى حديثه التوجيهي القيم.

وتدارس المؤتمر على مدى ثلاثة ايام عدداً من البحوث التي دارت حول  موضوعه.

وفي ختام جلساته أصدر المؤتمر القرارات والتوصيات التالية:

أولاً: يؤكد المؤتمرون أن الأمة الإسلامية تواجه تحديات كبرى تستهدف شخصيتها وثقافتها ومقومات وجودها ودورها الحضاري المنشود وتتعرض لمؤامرات لتمزيقها جغرافياً، ولغوياً، وقومياً، ومذهبياً، بل وتاريخياً. كما تسعى لإبقائها متخلفة على الصعد العلمية والاقتصادية والعسكرية وغيرها. وتخطط لإبعادها عن إسلامها والتشكيك في قدرة  الإسلام على مواجهة المشاكل الحياتية المستحدثة، وإشاعة السلوكيات المادية والمنحرفة عما رسمته الشريعة، وزرع حالة التقليد والتبعية للغرب والانبهار به.

وكذلك عبر إضعاف التربية والتعليم الإسلاميين والتشكيك في قدرتهما على النهوض بالأمة، وإضعاف الإعلام الإسلامي واختراقه بإشاعة روح الهزيمة والاذعان فيه لئلا يقوم بدوره المطلوب.

ثانيا: يؤكد المؤتمرون على أن الأمة ابتليت مع الأسف الشديد ببعض حالات التطرف والجمود، والتخلف الفكري، والجهل والتعصب، كما ابتليت بحرص البعض على مصالحهم الضيقة ما شجع على التمزق وبعض أنماط السلوك الاستفزازي هنا أو هناك، وزاد الطين بلة حدوث بعض الاتجاهات التكفيرية من جهة، وبعض الاتجاهات المتغربة من جهة أخرى، وكذلك شيوع سوء الفهم والظن والتصورات الخاطئة عن الآخرين.

ثالثاً: يرى المؤتمرون على ضوء ما سبق أن هناك حاجة ماسة لوضع خطط تفصيلية استراتيجية لتحقيق المطلوب في المجالات التالية:

أ- رفع مستوى الوعي لدى المسلمين في مختلف المجالات وبخاصة في مجال فهم الإسلام وتعاليمه وأهدافه وفهم الواقع القائم على مختلف الأصعدة والموقف منه.

ب – التشجيع على تعميم تطبيق الشريعة الإسلامية في كل مجالات الحياة.

ج – تفعيل العملية التعليمية والتربوية الشاملة لمختلف قطاعات الأمة وفق تعاليم الإسلام.

د- السعي للوصول إلى توحيد موقف الأمة عملياً من مختلف القضايا وتحقيق التكافل والتضامن بينها في مختلف المجالات.

هـ - تعزيز مؤسسات العمل الإسلامي المشترك كمنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات غير الرسمية الدعوية والخيرية والتربوية والتعليمية والإعلامية.

و – الاستفادة الأنجع من الإمكانات السياسية والاقتصادية والجغرافية، والطاقات العلمية للأمة وتعبئتها لتحقيق الأهداف الكبرى ومقاومة التحديات.

ز- الرقي بوضع الأقليات الإسلامية في أنحاء العالم.

ح – السعي الأمثل لتطبيق اللائحة الإسلامية لحقوق الإنسان.

ط –تأكيد دور الشعوب الإسلامية في صنع مستقبلها والمشاركة الفعالة في بناء ذاتها وصيغ حياتها الداخلية و المسيرة الحضارية الإنسانية.

ي ـ تربية الجيل الاسلامي على ثقافة المقاومة والعزة.

رابعاً: يرى المؤتمرون أن ما يصدر أحياناً من وسائل الإعلام الغربية والصهيونية، وما ينشر في كتابات بعض الكتّاب الغربيين، من إساءات وتطاول على شخصية الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) يدلّ على جهل فاضح بالأبعاد الإنسانية الرائعة لهذه الشخصية الكريمة، أو على تراكمات تاريخية حاقدة. ولذا فينبغي أن تتسع عملية التوعية والتعريف بشخص النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لتشمل العالم كله، وليعلم الناس عن بصيرة أنه كسائر إخوانه من الأنبياء (رحمةٌ مهداة) لكل البشرية ومتممٌ لمكارم الأخلاق الإنسانية، ونورٌ يهديها إلى سواء الصراط.

خامساً: يرى المؤتمرون انطلاقا من مسلمات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أن الإسلام جامع لأهل القبلة، ودليلُه الشهادتان اللتان تعصمان دم الناطق بهما وماله وعرضه، كما يرون أن التقريب بين المذاهب الإسلامية سبيل مهم لتحقيق الوحدة الإسلامية في المواقف العملية، وأن المذاهب الإسلامية التي تؤمن بأصول الإيمان وتوقن بأركان الإسلام المتّفق عليها، ولا تنكر معلوماً من الاسلام بالضرورة، يؤلف اتباعها بمجموعهم الأمة الإسلامية الواحدة، وتتكافأ نفوسهم وتتآلف قلوبهم، ويتعاونون لتحقيق الأهداف الإسلامية السامية، وأن الاختلاف السياسي لايجوز أن يستغل الاختلافات العقيدية أو التاريخية أو الفقهية، وأن إثارة أية فتنة طائفية أو عرقية لاتخدم إلا أعداء الأمة، وتحقق خططهم الماكرة ضدها، وتكرس احتلالهم البغيض لأرضها.

سادساً: تحقيقاً لهذه الوحدة بين أهل القبلة، ولهذا التقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية، يدعو المؤتمرون إلى وجوب احترام كل طرف منهم للآخر، وعدم التعرض لعقيدته أو شعائره أو فقهه في وسائل الإعلام أو الخطب العامة، وإلى ترك البحث في هذه الأمور للعلماء والخبراء في بحوثهم العلمية، وعدم الإساءة والتشهير بأحد بحجّة المصارحة. كما يؤكد المؤتمرون على عدم جواز توجيه ما يُعدّ انتقاصاً أو إهانة لما يحترمه أي طرف، ويشمل هذا بوجه خاص عدم جواز انتقاص آل البيت أو الصحابة أو الأئمة، أو سبهم أو إهانتهم أو الغضّ من مكانتهم، أو التعرض لأي شيء يُنسب إليهم بأي نوع من أنواع الإساءة اللفظية أو المعنوية أو المادية، بما في ذلك الاعتداء على الأماكن المنسوبة إليهم، وعدم جواز استباحة دور العبادة والذكر من مساجد أو حسينيات وكذلك الزوايا والمراقد وغيرها، والالتزام فيها بشروط الواقفين شرعاً.

سابعاً: يدين المؤتمرون كل أشكال الاعتداء الصهيوني على شعبنا المصابر المرابط  في فلسطين وخصوصاً ما جرى أخيراً من جرائم وحشية في غزة البطلة الصامدة من تقتيل وتشريد للآلاف وكذلك ما يجري  من عمليات تهديد بهدم منازل الفلسطينيين  في مدينة القدس، ويحيون جهاد الشعب الفلسطيني البطل ومقاومته  الباسلة  ويدعمون جهود الوحدة  الوطنية ويؤكدون من جديد على ضرورة الالتزام بالثوابت من لزوم ضمان حق العودة للاجئين، وتحرير الأراضي الفلسطينية وتمتع الفلسطينيين بحقوقهم كاملة بما في ذلك حقهم في إقامة دولتهم ذات السيادة الكاملة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف، كما يطالبون المجتمع الدولي بمحاكمة المجرمين الصهاينة ومعاقبتهم على ما اقترفوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ثامناً: يعلن المؤتمرون أن المقاومة حق مشروع للشعوب، وهي تختلف اختلافاً جذرياً عن (الحراب) التي يسمونها اليوم باسم (الإرهاب) المدان إسلامياً وإنسانياً، سواء كان فردياً أو جماعياً أو ما قد تمارسه بعض الدول. وبهذه المناسبة يعتز المؤتمرون بالانتصار الإسلامي الرائع للمقاومة الباسلة في لبنان وفلسطين.

تاسعاً: يدعو المؤتمرون كل الفصائل في الصومال الى الحوار والتعاون في بناء الصومال الحديث والمستقل بعيداً عن الاقتتال والتنازع ويؤيدون كل الجهود المخلصة المبذولة في هذا السبيل.

عاشراً : يعلن المؤتمرون تأييدهم لكل ما يحل مشكلة دارفور ويحقق المصالحة الوطنية في السودان، ويدينون إقدام المحكمة الدولية على إصدار مذكرة توقيف للرئيس البشير، كما يدينون تجاهلها لجرائم الصهاينة الوحشية في غزة.

حادي عشر: يحيي المؤتمرون جهاد الشعب الإيراني ومسؤوليه في سبيل تطبيق شرع الله في مختلف مناحي الحياة، ويدينون كل تآمر على هذه المسيرة الخيرة، كما يعلنون دعمهم لموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عملية تطوير قدراتها النووية  للأغراض السلمية ويدينون كل الأساليب الملتوية التي تحاول منعها  من الاستفادة من حقوقها المشروعة التي تكفلها لها القوانين الدولية. ويدعون بلدان العالم الإسلامي إلى الاستفادة من هذه التجربة.

ثاني عشر: يشكر المؤتمرون الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقائدها الإمام الخامنئي(دام‌ظله)، كما يشكرون المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية على إقامة هذا المؤتمر المبارك واستضافته، ويرون في إقامة أمثال هذه اللقاءات خيراً كثيراً.

وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلّم.