المؤتمر الدولي الرابع والعشرون للوحدة الاسلامية / طهران ـ 1432 هجري
البيان الختامي
للمؤتمر الدولي الرابع والعشرين للوحدة الإسلامية
طهران 15 ـ 17 ربيع الأول 1432 هـجري
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد خلقه محمد وآله الطاهرين وصحبه الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فبعون الله تعالى، وبمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية في ذكرى ميلاد الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام الصادق(عليه السلام)، عقد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية مؤتمره الدولي الرابع والعشرين للوحدة الإسلامية بطهران من 15-17 ربيع الأول 1432هـ الموافق 19-21 فبراير/شباط 2011م بحضور 750 شخصية علمية من الجمهورية الاسلامية الايرانية وسائر أنحاء العالم. وقد خُصص هذا المؤتمر لدراسة موضوع (الأساليب الفكرية والعملية لتحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية).
وقد افتتح المؤتمر سيادة الدكتور علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الاسلامي بكلمة جامعة ، والتقى المؤتمرون بفخامة الدكتور محمود أحمدي نجاد رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية واستمعوا إلى كلمته القيمة، كما حظي المشاركون بلقاء سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) قائد الثورة الإسلامية وتبادلوا الحديث معه واستمعوا بهذه المناسبة إلى حديثه التوجيهي القيم.
وتدارس المؤتمرون على مدى ثلاثة أيام ومن خلال ثلاثين جلسة عمل ومائة وخمس وعشرين بحثاً وكلمة التي دارت حول موضوعه.
وفي ختام جلساته أصدر المؤتمر التوصيات التالية:
أولاً: يؤكد المؤتمرون انطلاقا من مسلمات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أن الإسلام جامع لأهل القبلة، ودليلُه الشهادتان اللتان تعصمان دم الناطق بهما وماله وعرضه، كما يرون أن التقريب بين المذاهب الإسلامية سبيل مهم لتحقيق وحدة الأمة في شتى المجالات، وأن المذاهب الإسلامية التي تؤمن بأركان الإسلام وأصول الإيمان ، ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة، يؤلف المنتمون اليها بمجموعهم الأمة الإسلامية الواحدة، وتتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم، ويتعاونون لتحقيق الأهداف الإسلامية السامية، وأن الاختلاف السياسي لايجوز أن يستغل الاختلافات العقدية أو التاريخية أو الفقهية، وأن إثارة أية فتنة طائفية أو عرقية لاتخدم إلا أعداء الأمة، وتحقق خططهم الماكرة ضدها، وتكرس احتلالهم البغيض لأرضها ينبغي مقاومتها بكافة الوسائل.
ثانياً: يؤكد المؤتمرون على أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وحققا للأمة الاسلامية أجواءً انسانية حضارية رائعة، وأشاعا العقلانية وروح الحوار البناء، وحرية الاجتهاد بضوابطه الشرعية، وغرسا روح الأخوة والوحدة بعد أن وضحا خصائص الأمة الاسلامية ورسالتها السامية إلى العالم كله ومن ثم كان تعدد المذاهب حالة طبيعية لها أثرها الإيجابي في تنوع الحلول للمشكلات على ضوء أحكام الشريعة الإسلامية وأصولها.
ثالثاً: يؤكد المؤتمرون أن الأمة الإسلامية تواجه تحديات كبرى تستهدف عقيدتها وشخصيتها وثقافتها ومقومات وجودها ودورها الحضاري المنشود وتتعرض لمؤامرات لتمزيقها جغرافياً، ولغوياً، وقومياً، ومذهبياً، بل وتاريخياً. كما تسعى لإبقائها متخلفة على الصعد الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والعسكرية وغيرها. وتخطط لإبعادها عن إسلامها والتشكيك في قدرة الإسلام على مواجهة المشاكل الحياتية المستحدثة، وإشاعة السلوكيات المادية المنحرفة عما رسمته الشريعة، وزرع حالة التقليد والتبعية للغرب والانبهار به. وكذلك عبر إضعاف التربية والتعليم الإسلاميين والتشكيك في قدرتهما على النهوض بالأمة، واختراق الإعلام الإسلامي بإشاعة روح الهزيمة والإذعان والانحلال الخلقي لئلا يقوم بدوره المطلوب في وأد الفتن والتوعية وبناء الشخصية الاسلامية المتوازنة.
رابعاً: يرى المؤتمرون أن: الأهواء والنزعات السياسية، وشيوع حالات التعصب، وجهل بعض أتباع المذاهب بحقيقة المذاهب الاخرى انحرفت بالحالة السوية تلك إلى حالة طائفية ممزقة سادتها ظاهرة الغلو والتكفير والتطرف والتنافر والتمزق ونقل النزاع الفكري إلى الساحة العملية مما ترك آثاراً سلبية خطيرة على قوة الأمة وتماسكها وسهل السُبل ليقوم اعداؤها بطعنها في صميم عقيدتها وتوجهاتها النظرية والعملية الأصيلة.
خامساً: تحقيقاً لهذه الوحدة بين أهل القبلة، ولهذا التقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية، يدعو المؤتمرون إلى وجوب احترام كل طرف منهم للآخر، وإلى ترك البحث في هذه الأمور الخلافية للعلماء والخبراء في بحوثهم العلمية، وعدم الإساءة والتشهير بأحد. كما يؤكد المؤتمرون على عدم جواز توجيه ما يُعدّ انتقاصاً أو إهانة لما يحترمه أي طرف، ويشمل هذا بوجه خاص عدم جواز انتقاص آل البيت أو أمهات المؤمنين أو الصحابة أو أئمة المسلمين، بالنيل منهم، أو التعرض لأي شيء يُنسب إليهم بأي نوع من أنواع الإساءة القولية أو الفعلية، وعدم جواز استباحة دور العبادة من مساجد و حسينيات وزوايا ومراقد. وفي هذا السياق يثمن المؤتمرون الفتوى التاريخية التي اصدرها سماحة الامام الخامنئي قائد الثورة الاسلامية بخصوص تحريم النيل من رموز المذاهب الاسلامية والإساءة لأمهات المؤمنين والتي لاقت الترحيب الواسع من لدن كبار علماء الامة والأوساط الدينية والازهر الشريف.
سادساً: يرى المؤتمرون أن هناك حاجة ماسة لوضع خطط تفصيلية لتحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية في المجالات التالية:
أ- رفع مستوى الوعي لدى المسلمين في مختلف المجالات وبخاصة في مجال فهم الإسلام وتعاليمه وأهدافه وفهم الواقع القائم على مختلف الأصعدة.
ب – مطالبة الدول الاسلامية بتطبيق الشريعة الإسلامية في كل مجالات الحياة.
ج – تفعيل العملية التعليمية والتربوية الشاملة لمختلف قطاعات الأمة وفق تعاليم الإسلام.
د- السعي للوصول إلى توحيد موقف الأمة عملياً من قضاياها الكبرى وتحقيق التكافل والتضامن بينها في مختلف المجالات.
هـ - تفعيل مؤسسات العمل الإسلامي المشترك كمنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات غير الحكومية الدعوية والخيرية والتربوية والتعليمية والإعلامية.
و – الاستفادة الأنجع من الإمكانات السياسية والاقتصادية والجغرافية، والطاقات العلمية للأمة وتعبئتها لتحقيق الأهداف الكبرى ومقاومة التحديات.
ز- مساعدة الأقليات الإسلامية في أنحاء العالم على الاحتفاظ بهويتها وأداء شعائر دينها وتفعيل دورها في المجتمع.
ح – العمل الجاد لتطبيق الاعلان العالمي الاسلامي لحقوق الإنسان الصادر من منظمة المؤتمر الاسلامي.
ط – تأكيد دور الشعوب الإسلامية في صنع مستقبلها والمشاركة الفاعلة في بناء ذاتها وصيغ حياتها الداخلية و المسيرة الحضارية الإنسانية.
ي ـ تربية الجيل الاسلامي على ثقافة المقاومة والعزة وتشكيل بناء مستقبلي أفضل مع التأكيد على الدور الهام للنساء والشباب.
سابعاً: يدعو المؤتمرون إلى الابتكار والابداع في مجال الفكر المؤدي إلى التقريب من خلال:
1 – تعميق المنهج الوسطي في فهم الشريعة .
2- مراعاة فقه الأولويات، ومعرفة المآلات، ومراعاة الظروف المتغيرة عند اتخاذ المواقف الشرعية.
3- مراعاة مقاصد الشريعة، وخصائص الإسلام العامة.
4- إحياء علم المقارنات و علم الخلاف.
5- الاهتمام بعملية الاجتهاد الصادرة عن المجامع الفقهية.
6- الاهتمام بفقه النظريات الذي يختلف عن الاستنباط الجزئي.
7- الاهتمام بالتعمق في فكر التقريب في مختلف البحوث والدراسات ولاسيما الفقهية منها.
ثامناً: وعلى الصعيد العملي يقترح المؤتمرون مايلي:
1 – تعميم منطق الحوار بين المسلمين على الأسس الشرعية.
2- توعية النخبة والجماهير بثقافة التقريب، وتعميم روح الألفة والأخوة والمحبة بين قطاعات الأمة.
3- السعي المشترك المتضافر لاتخاذ المواقف الموحدة في كل القضايا المصيرية من قبيل:
أ - تنفيذ الشريعة الإسلامية
ب - مواجهة التحديات الكبرى
ح - تقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة.
4- تشجيع إيجاد المؤسسات الوحدوية والتقريبية على كل الصعد الإعلامية والاجتماعية والتربوية في كل مكان .
5- تشجيع الدراسات التقريبية في الجامعات عبر فتح الأقسام الجامعية في هذا التخصص وتشجيع الرسائل وتقوية التبادل التخصصي .
6- ضبط عملية الفتوى وفق الضوابط التي أقرتها المجامع الفقهية.
تاسعاً: يعلن المؤتمرون أن الدعوة إلى التقريب لاتعرف التعصب المذهبي أو محاولة نشر مذهب بين أتباع مذهب آخر وأن كل ما يُقال عن أنّ هذه الدعوة ليست خالصة لوجه الله لاأساس له من الصحة وهو محاولة للتشكيك في العمل التقريبي ورسالته الاسلامية.
عاشراً: يدعو المؤتمرون الأخوات المسلمات ممن يتمتعن بالقدرة العلمية الى المساهمة بأبحاثهن وآرائهن في انجاح الدعوة الى التقريب وأن يكون لهن دورٌ واضحٌ في مؤتمرات الوحدة الاسلامية ونشر الوعي التقريبي بين الأسر.
حادي عشر: يدين المؤتمرون كل أشكال الاعتداء الصهيوني على شعبنا الصابر والمثابر والمرابط في فلسطين وخصوصاً ما جرى من جرائم وحشية في غزة البطلة الصامدة من تقتيل وتشريد للآلاف وكذلك ما يجري من هدمٍ لمنازل الفلسطينيين في مدينة القدس، والتغيير الديموغرافي لطبيعتها، كما يحيون جهاد الشعب الفلسطيني البطل ومقاومته الباسلة ويدعمون جهود المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وتوحيدها ويؤكدون من جديد على ضرورة تنفيذ الحقوق الفلسطينية المشروعة وأهمها حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة على كافة الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وحقهم في العودة إلى ديارهم. كما يطالبون المجتمع الدولي بمحاكمة المجرمين الصهاينة ومعاقبتهم على ما اقترفوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ثاني عشر: يعلن المؤتمرون أن المقاومة حق مشروع للشعوب، وهي تختلف اختلافاً جذرياً عن (الحرابة) التي تسمى اليوم بـ (الإرهاب) المدان إسلامياً وعالمياً، سواء كان فردياً أو جماعياً أو ما قد تمارسه بعض الدول.
ثالث عشر: يعتز المؤتمرون بالانتصارات الرائعة للشعوب الاسلامية على كثير من الصعد ومنها تغيير الحالة الدكتاتورية في تونس ومصر ومواصلة الجهود للحصول على الحقوق المشروعة للشعوب واتخاذ المواقف المشروعة.
رابع عشر: يحيي المؤتمرون جهاد الشعب الإيراني ومسؤوليه في سبيل تطبيق شرع الله في مختلف مناحي الحياة، ويدينون كل تآمر على هذه المسيرة الخيرة، كما يعلنون دعمهم لموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تطوير قدراتها النووية للأغراض السلمية ويدينون كل الأساليب الملتوية التي تحاول منعها من الاستفادة من حقوقها المشروعة التي تكفلها لها القوانين الدولية. ويدعون بلدان العالم الإسلامي إلى الاستفادة من هذه التجربة.
خامس عشر: يشكر المؤتمرون الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقائدها الإمام الخامنئي(دامظله)، كما يشكرون المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية على إقامة هذا المؤتمر المبارك واستضافته، ويرون في إقامة أمثال هذه اللقاءات خيراً كثيراً.
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلّم.