نظرة على أبعاد الحركة التنويرية للإمام الحسين (ع) في نهضة عاشوراء
من التبيين إلى الثورة
ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي مقتطفات من كلام الإمام الخامنئي حول الأبعاد للحركة التنويريّة للإمام الحسين (ع) في نهضة عاشوراء وانطلاقه من التبيين إلى الثورة ومظاهر التبيين في عاشوراء إضافة إلى دور الهيئة العاشورائية في التبيين الحسيني.
من المواضيع التي طُرحت حول ثورة أبي عبد الله الحسين (ع) توأمة النهضة الحسينية مع قضية التبيين: «ينبغي ألّا نعرف الإمام الحسين (ع) عبر معركة يوم عاشوراء فقط، فذلك جانب من جهاده. تنبغي معرفته بتبييناته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وإيضاحه القضايا والأمور في منى وعرفات» (27/07/2009). في هذا الصدد، مثلما باهل النبي (ص) من أجل تبيان الحقيقة، «أحضرَ الإمام الحسين (ع) أعزّ أعزّائه إلى وسط الميدان من أجل بيان الحقيقة والتنوير على مدى التاريخ» (13/12/2009).
رفض الاستسلام للطاغوت نقطةُ انطلاق النهضة الحسينية
من الأسئلة الأساسية حول ثورة الإمام الحسين (ع) هو عن الهدف من هذه الثورة والنهضة. ففي وصيته (ع) لأخيه محمد بن حنفية، يقول (ع) عن هذه الثورة بما معناه: «لا يجب أن نصل إلى الحكم حتماً، ولا يجب أن نذهب ونستشهد حتماً» (9/6/1995). الحقيقة هي أنه بعد موت معاوية، وصل يزيد إلى الحكم، «وكان يتوقّع من إمام الهدى أن يوقّع اعترافاً بحكومته» (29/3/2002). هذا يعني إضفاء الشرعية على النظام الملكي، «ومن هنا كان منطلق ثورة الإمام الحسين (ع)» (29/3/2002). في الواقع، كان هدف ثورة عاشوراء محاربة هذا الانحراف في المجتمع الإسلامي؛ «من هنا انطلقت بوادر التصدّي ورفض الاستسلام لحكومة فاسدة حَرّفت نهج الدين بالكامل. بهذه النيّة، سار الإمام من المدينة» (3/6/1996). وفي هذا الصدد، «ردّ الإمام الحسين (ع) قائلاً: "مثلي لا يبايع مثله"، فالحسين (ع) لا يصدر منه هذا الاعتراف» (29/3/2002).
مظاهر التبيين في ثورة عاشوراء
أحد الأصول المهمة في أسلوب النضال عند أبي عبد الله الحسين (ع) هو التبيين والتنوير للناس ولخواص المجتمع أيضاً، ولذلك عمل (ع) على تبيين الهدف وشرح الدافع لثورته. يقول (ع) في مكان ما بهذا النحو: «وإنّي ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً... أيْ يجب ألّا يشتبه الناس عندما يروّج المروّجون أنّ الإمام الحسين (ع) يخرج مثل الأشخاص من هنا وهناك من أجل الاستيلاء على السلطة - للتباهي والعيش والظلم والفساد - ويدخل ميدان النزال والحرب! إنّ عملنا ليس من هذا القبيل» (9/6/1995). إنّ عمل الإمام (ع) «ليس كالآخرين الذين يثورون وينتفضون ويضربون ويقتلون من أجل الاستيلاء على السلطة» (12/3/2022). فالسبب الرئيسي للثورة هو: «وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي. عنوان العمل هو الإصلاح هذا... هذا الإصلاح يكون بالخروج، أيْ الثورة... أولاً نريد أن نثور، وثروتنا من أجل الإصلاح» (9/6/1995). في نتيجة الثورة «ثمة عاقبتان تنتظران الإمام الحسين (ع): أن ينتصر، أو أن يُقتل» (12/3/2022).
كانت كتابة الرسائل إلى أهالي المدن من الأعمال التنويرية والتبيينية الأخرى للإمام الحسين (ع). كتب أبو عبد الله الحسين (ع) في رسالة إلى أهل الكوفة بما معناه: «لا يمكن أن يكون إمام المجتمع الإسلامي وقائده ورئيسه من أهل الفسق والفجور والخيانة والفساد والبعد عن الله وما إلى ذلك. يجب أن يكون شخصاً يعمل بكتاب الله، أيْ أن يعمل [به] في المجتمع. لا يعني حصراً أن يصلي في غرفة خلوته، بل أن يحيي العمل بالكتاب في المجتمع، وأن يأخذ بالقسط والعدل، وأن يجعل الحقَّ قانون المجتمع» (9/6/1995).
كان التشديد على مواجهة البدعة وإحياء السنة النبوية من الوجوه التبيينية لنهضة الإمام الحسين (ع)، فكتب (ع) إلى رؤساء البصرة في هذا الصدد: «أريد إماتة البدعة وإحياء السنة، لأنهم يُميتون السنة ويحيون البدعة! إذا اتبعتموني، فإن سبيل الحق معي» (9/6/1995).
كان التنوير وتبيين الحقائق للرأي العام وعامة الناس وخواص المجتمع في نظر أبي عبد الله (ع) مهماً لدرجة أنه منذ بداية نهضة عاشوراء إلى اللحظات الأخيرة من الحياة المباركة للإمام (ع)، وحتى في ميدان كربلاء وساحة المواجهة العسكرية أيضاً، كان الإمام (ع) مهتماً دائماً بالتبيين والتوجيه والتنوير؛ «كان (ع) في ساحة كربلاء نفسها من أهل التبيين، فيذهب ويتحدّث. مع أنّها ساحة حرب والمتوقَّع إراقة الدماء لكنّه (ع) كان ينتهز أيّ فرصة للتحدّث معهم عسى أن يستطيع إيقاظهم» (27/07/2009).
الهيئة العاشورائية والتبيين الحسيني
نهضة عاشوراء حركةٌ منبثقة عن العقلانية: «إنّ عنصر المنطق والعقل في هذه النهضة يتجلّى من كلمات ذلك العظيم (ع)، قبل نهضته عندما كان في المدينة، وإلى يوم شهادته» (25/1/2006). لذلك إن لثورة سيد الشهداء (ع) أبعاداً مختلفة، من التبيين إلى الثورة: «التبيين والإنذار والحركة الإعلامية التبليغية وإيقاظ وجدان العناصر الخاصّة وجعلهم مُستشعرين... تلك الأمور كلها كانت على مرّ حياة سيّد الشهداء (ع) وكذلك وقوفه في وجه انحرافٍ كبير قاصداً المجاهدة بروحه» (4/7/2011). النقطة المهمة هي أن أخذ الدرس والأسوة من أبعاد حركة الإمام الحسين (ع) وجوانبها كافة هي واجبنا الدائم؛ «إن قضية كربلاء... درس لمن يريد أن يتخذ من الإمام الحسين (ع) أسوة» (14/12/1996). واحد من هذه الدروس هو الاهتمام بموضوع التبيين: «هناك حقائق كثيرة ينبغي تبيينها. في مواجهة هذه الحركة المضللة التي تتدفق من مئة اتجاه نحو الشعب الإيراني... فإن حركة التبيين تحبط مؤامرة العدو وحركته» (27/9/2021).
ينبغي الالتفات إلى أن الثورة الإسلامية في إيران كانت في الأساس حركة تتأسى بالثورة الحسينية. جلبَ الإمام الخميني (قده) بالتبيين والتنوير جماهيرَ الشعب إلى ساحة النضال، ونجح في هزيمة النظام المسلّح بالكامل والمعتمد على القوى الأجنبية، وأرسى النظام الإسلامي. منذ بداية النهضة وخلال أحداث 1342 ه. ش. (1963) أيضاً «صار المنبرُ لتبيين قضايا النهضة الحسينياتُ ومجالسُ العزاء وهيئات اللطم ورثاءُ المداحين وذكرُ الخطباء الدينيين المصيبةَ» (2/8/1989). لهذا، يجب أن تستمر هذه القابلية في النشاط من أجل تبيين الحقائق في مجال صراع الروايات والتصوير المغلوط للأعداء حول وضع البلاد؛ «الهيئة مكان التبيين، مكان البيان، مكان تبيان لأهم مفاهيم المعارف الإسلامية والعلوية، مكان الإجابة عن الأسئلة. اليوم لدى شبابنا أسئلة متنوعة، لديهم أسئلة حول نمط الحياة، لديهم أسئلة حول القضايا الأساسية، أسئلة في مكانها» (23/1/2022).
تنبغي معرفة أن «تبيين الدين وتفسيره بالمنظور الخاص لأهل البيت الوحي (ع)، وإزالة التحريف والفهم المعوّج من المعارف الإسلامية والأحكام الدينية، أيضاً هدف مهم لجهاد أهل البيت (ع)» (9/8/1984). لذلك على المرء أن يسعى عبر مجالس العزاء إلى إيلاء اهتمام خاص بالمسؤولية المُهمة والأساسية المتمثلة في تنوير الناس وتوعيتهم ومواجهة أكاذيب العدو وتحريفاته: «هكذا ينبغي أن يكون التوجه في عزاء الإمام الحسين (ع): توسيع نطاق التبيين والإيضاح والتوعية، وتمتين إيمان الناس، وتكريس روح التدين عندهم، وتعزيز روح الشجاعة والغيرة الدينية لديهم، وإخراجهم من حالات اللامبالاة والخمول والكسل... هذه معاني الثورة الحسينية وإحياء عزاء الإمام الحسين (ع) في زماننا» (9/1/2008).