ـ(7)ـ
مكمن الداء، وهو داء التفرقة المذهبية الذي يعنينا في أمر التقريب وقال: "لقد غاب مفهوم الأمة الواحدة، وتحولت دولة المسلمين إلى دويلات... واستتبع هذا تمزق لرؤى الدين... ولا أقصد اختلاف الأئمة والمذاهب. فهذا رحمة وخير، وإنّما أقصد ما أصيب به العلماء والفقهاء من عاهة الاقليمية، فأصبحت رؤاهم ومواقفهم لا تمثل الإسلام بمقدار ما تمثل رؤى أقاليمهم، واهتمامات حكامهم.. وأثمر هذا الوضع ثمرته المرة حين انكشف ما في جسد الأمة من تمزق أمام أعدائها والطامعين فيها، فدخل المسلمون في مرحلة ما اسميه(الفتنة الكبرى) التي لم يعد فيها أمرهم بيد أبنائهم بمقدار ما كان بأيدي الآخرين الّذين استطاعوا أن يظفروا بولاء هذا وتبعية وحماية ذاك..." ثم دعا إلى مؤتمر خاص للعلماء والفقهاء والحكماء يتدارسون فيه كيفية استعادة دورهم المفقود في قيادة الأمة(1).
الإحساس بضرورة تغيير وضع المسلمين أصبح عاما، والترتيبات الدولية الجديدة صعدت من أمر هذه الضرورة وجعلتها مسألة حياة أو موت والتغيير كما ورد في الشهادة المنقولة يجب أن يبدأ من تحرر إرادة علماء الأمة كي يأخذوا مكانتهم القيادية، في بداية لابد منها لكي تستعيد الأمة كامل هويتها وتتحرك على طريق أهدافها، وتكون لها الكلمة المسموعة بين العالمين.
لا يمكن لعالمنا الإسلامي وهو في هذه الحالة المزرية أن يتوقع رحمة وأنصافا من القوى المهيمنة. عمليات الإذلال وسحق بقايا الهوية واللعب بالمقدرات والاستهانة بالكرامات وإثارة الخلافات وإخماد الصحوة ستستمر بشدة ودون هوادة مالم تقتنع القوى المتجبرة بأنه لابد من محاورة المسلمين لامصادمتهم والمنطق المادي للأقوياء يفرض عدم محاورة الضعيف، بل محاورة
______________________
1 ـ صحيفة العالم الإسلامي 20 ذي الحجة 1415 والكلام المنقول عن الدكتور عبد الصبور مرزوق.