ـ(22)ـ
الكاملة في أمواله وتربية وتعليمه، ووقايته من كلّ عوامل الضرر.
وقد وجه الإسلام نداءه للبشر جميعاً يعلن عليهم مبدأ المساواة بينهم في بشريتهم وإنسانيتهم، وأنهم يقفون جميعاً في صف واحد أمام فرص الحياة، وأمام نعم الله فيها، وأنهم لا تمييز لبعضهم على بعض، إلاّ بمقدار ما يقدم الإنسان من خير للناس، واستقامة على منهج الله في طريق الحياة [يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ](النساء: 1) فالإسلام ردّهم إلى الأصل الواحد، باعتباره المنطلق الحقيقي للمساواة بينهم في خصائص الإنسانية من التفكير والتعبير والتعاون على الخير العام، وباعتباره منطلقاً للحقوق التي يرتكز عليها أمنهم واستقرار عيشهم، وتيسّر لهم أداء الرسالة التي خلقوا من أجلها، وهي عبادة الله تعالى رب هذا الوجود.
ومن الخطورة بمكان أن تكون حقوق الإنسان صادرة من الإنسان نفسه، لأنه بطبيعته متناقض في حكمه على الأشياء، وهو، إلى جانب ذلك، يتّصف بالأثرة وحب السيطرة، فتكون الحقوق حينئذٍ مجال عبث، ومصدرها الأقوياء الّذين يستبدون عادة بمصالح الضعفاء، فيسلبون الشعوب حقوقها، ويمنحون أنفسهم حقوقاً ليست لهم، فيسود حينئذٍ قانون الغاب، وهذا ليس في مصلحة الإنسان على الإطلاق.
نعم، إنّ الّذين يقومون بإصدار الإعلانات العالمية أو غيرها، هم أناس لهم خلفياتهم الثقافية والحضارية التي ينطلقون منها، ولهم نظرات خاصة ومصالح لا يستطيعون أن ينفلتوا منها، وهم، أن استطاعوا أن ينطلقوا أحياناً انطلاقاً سليماً من الناحية النظرية، فإن هذا الانطلاق لا يلبث أن ينحرف في التطبيق لما تقتضيه مصالحهم.
أما حقوق الإنسان في الإسلام، فهي ربانية المصدر، لأنها مشروعة من الإله