ـ(24)ـ
وكان في الأندلس بجانب جهاز القضاء، جهاز المشورة القضائية وعلى رأسه صاحب الفتيا يقوم بترشيح الفقهاء للشورى، وإجماع المشاورين كان يعتبر ضروريا في القضايا الكبرى التي يعتزم قاضي الجماعة إصدار الحكم فيها ولقد مارس ابن رشد الجد منصبي قاضي الجماعة والمشورة أربعة أعوام إلى سنة 515 هـ، حيث استعفى منها عن قضاء الجماعة، وبقي في منصب المشورة إلى وقت وفاته عام 520 هـ فعلى صعيد الأندلس والمغرب، كان مرجعاً أعلى للمشورة لكبار القضاة بالعدوتين.
وتعتبر "المسائل" إحدى الوثائق المهمة لمشورة ابن رشد (1)، فأنها حاوية لمسائل فقهاء الآفاق إياه وإجاباته عليها وبذلك يعد ابن رشد من المجتهدين الّذين يستخرجون القواعد الشرعية من نصوص الكتاب والسنة، أو من المبادئ العامة مباشرة، ملتزماً بآراء إمام المذهب "مالك بن أنس"، فهو مجتهد من جهة ومقلد من جهة أخرى، أو مجتهد مطلق ومجتهد في إطار المذهب معاً، قادر على الاستخراج من الأصول وعلى الترجيح بين الآراء عامة، وفي نطاق المذهب خاصة(2).
ابن رشد الحفيد:
وإذ قد مررنا مروراً سريعاً على حياة الجدّ العلمية، لاتصالها بحياة الحفيد فلندخل في صلب الحديث عن ابن رشد الحفيد، وهو الفيلسوف الوحيد في أسرة الفقهاء والقضاة، (3) فكان فقيهاً قاضياً، وهو في نفس الوقت كان فيلسوفاً وطبيباً،
______________________
1 ـ نفس المصدر ص 37 ملخصاً وبتصرف منا.
2 ـ نفس المصدر ص 99 و 100 ملخصاً.
3 ـ ابن رشد للعقاد ص 18.