ـ(6)ـ
جزء من ذات هذا الإنسان يدافع عن كرامتها ومكانتها، ويرى رئيس هذه العشيرة نفسه مسؤولاً عن رعاية مصالح كلّ أبنائها لأنه شيخها أو بعبارة أخرى سائسها.
ولا يخفى ما لهذا الانتماء القبلي من خير يتمثل في تعاون أفراد القبيلة وتعاضدهم، وما فيه أيضاً من شرٍ يبرز في النزاعات القبلية واصطدام المصالح العشائرية.
وقد يتسع هذا الانتماء بفضل تكامل التجربة البشرية ليتحول إلى انتماء قومي، وفيه مثل ذاك خير وشر وتتصاعد شرور هذا الانتماء حين يمتزج بالتعالي على القوميات الأخرى.
ثم يزداد هذا الانتماء تكاملاً حين تنصهر القوميات في إطار حضاري واحد، ويكون الانتماء إلي "المبدأ" هو الذي يوحد المجموعة البشرية بأفكارها وعواطفها وتطلعاتها ومصالحها.
ومن المؤكد أن الجهاز السياسي المنبثق انبثاقاً حقيقاً عن هذه المجموعة البشرية سيتجه نحو رعاية مصلحة أبناء العقيدة الواحدة وكل من يعيش في كنفهم وعلى أرضهم.
وهنا نستطيع أن نصنف المواقف السياسية في عالمنا الإسلامي، هل هي عشائرية أم قومية أم مبدئية.
لا نريد أن نشخص المصاديق، فالقارئ الكريم يعرف أن هناك كثيراً من المواقف العشائرية وقليلاً من المواقف القومية وقليلاً جداً من المواقف المبدئية.
ولكن المؤلم والمؤلم جداً أن هناك الكثير والكثير من المواقف المتخلفة حتّى عن الحالة العشائرية.. أنها المواقف الذاتية... الذاتية الفردية.
وهذه الذاتية الفردية لم تتورط فيها أجهزة السياسة في العالم الإسلامي المعاصر غالبا عن اختيار، بل عن رغم وإجبار إنها نتيجة خطة واسعة استهدفت فصل الجهاز السياسي عن آمال الأمة وآلامها وعقائدها وعواطفها.
فحاكم العالم الإسلامي المعاصر إن أراد أن يلتحم بالأمة فكرياً وعاطفياً وعقائدياً يجلبون عليه بخيلهم ورجلهم، ويحركون عليه العسكر ويحاربونه