ـ(103)ـ
الشرعية:
(كتقديم الوفاء بالدين على الحج).
وهكذا.
ومن هنا نعرف أن البحث عن سد الذرائع يعود إلى البحث عن التزاحم ففي الأمثلة التي ذكرها القرافي يتم التزاحم مثلا بين وجوب فداء أسرى المسلمين وحرمة إعانة الكفار في الانتفاع بمال المسلمين أو بين حرمة الإعانة على أكل المال بالباطل وحرمة الزنا و أمثال ذلك حيث يقدم الأهم على المهم بل يمكن القول بان التزاحم بين وجوب ذي المقدمة وإباحة المقدمة في مورد السعي إلى الجمعة فيقدم الأهم وهو الوجوب.
أما الحسن الذي ذكره للوسائل وأنها تدخل في زيادة الثواب كما في الآية الكريمة (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ..) فهو في الواقع ناتج من ارتفاع صعوبة الجهاد نفسه و (افضل الأعمال احمزها) بلا ريب.
الخلاصة: من خلال ما تقدم نستخلص الأمور التالية:
1 ـ أن هناك اختلافاً حقيقياً بين العلماء من مختلف المذاهب حول مورد النزاع وهو الذرائع التي لا تستلزم ولو بشكل عرفي تحقق الحرام.
2 ـ أنّه قد يشتد اهتمام الشارع بنفي مفسدة ما فيعمل على سد كلّ الطرق التي تؤدي إليها ولو احتمالاً إلاّ أن ذلك لا يشكل دائماً قاعدة عامة.
3 ـ أن لو لي الأمر في ظل الظروف التي يشخصها أن يحرم بعض الوسائل المباحة باعتبار استغلالها للأقدام على الحرام ومن أمثلة ذلك تحريم استقبال البث الخارجي للتلفزة الغربية المعادية للأخلاق.
4 ـ أن الأدلة التي ذكرها القائلون بسد الذرائع وأهمها دليل الاستقراء وأدلة الاحتياط والدليل العقلي لا يمكنها أن تنهض بقضية سد الذرائع لورود مناقشات جادة عليها.
5 ـ أن سد الذرائع حتّى لو تمت أدلته ليس أصلاً من أصول الفقه وإن أمكن أن يشكل قاعدة مهمة عامة.