ـ(111)ـ
الحضارة والثقافة الإسلاميّة(1).
الدكتور عبد العزيز الخياط _
في زحمة الصراع الحضاري العالمي تبرز كلّ أمة حضارتها، وتتمسك بها، وتعمل على نشرها وتثبيتها، وتتقدم بثقافتها المنبثقة عن حضارتها وإن كان لكل خصيصة متميزة لثقافته، تصطرع من أجلها، وتتزاحم بالمناكب في سبيل نشرها والمسلمون اليوم ـ وفي زحمة هذا الصراع الحضاري العالمي ـ لا ينشرون حضارتهم وثقافتهم إلاّ على استحياء، ولا يعملون على تثبيتها وبيانها إلاّ في المناسبات، وفي مؤتمرات قليلة تعقد هنا وهناك، وهو عمل تقوم به هيئات إسلامية أو أفراد، وقلما تشترك الحكومات، إلاّ في حدود ضيقة، أو حين تدعى من جهات غربية، ولا تتبنى في مؤتمراتها وسفاراتها بيان حضارة الإسلام ونشرها، ولعل مرجع ذلك إلى الخمول الذي أصابها، والتفرق على أساس العنصرية الضيقة أو الإقليمية المفرقة، والتعصب لهما على أساس التجزئة التي أصيب بها العالم الإسلامي، فاصبح ولاء كلّ دولة لقطرها، وانتماؤها لبلدها دون الانتماء للحضارة الإسلاميّة الواسعة وثقافتها.
فالحضارة لغة: الإقامة في الحضر، قال القطامي:
ومن تكن الحضارة أعجبته فأي رجال بادية ترانا
__________________________________
1 ـ بحث ألقي في ندوة الحضارة والثقافة الإسلامية التي عقدت في طهران في الأول من شهر شعبان (1414 هـ).
(_) أستاذ في الفقه والأصول ـ الاردن.