ـ(82)ـ
أوّلاً: بدأ الأستاذ كلامه قائلاً: (إنّ الأصل الّذي يبتني عليه رأي الشيعة الإماميّة في الحديث هو: حادثة "غدير خُمٍّ"، ومن ثمّ خلافة عليٍّ رضى الله عنه وموضوع إمامته).
أقول: إنّ الإمامة عند الإماميّة لها جانبان:
أ ـ الجانب السياسيّ: وهو الذي يُعبّر عنه بالخلافة، وأنّ مسألة الغدير تهدف إلى التركيز على هذا الجانب، وأساس هذه النظرية هو: أنّ الحكومة والحكم في المجتمع الإسلاميّ ـ كخلافةٍ ونيابةٍ عن النبي الأعظم ـ لا تتحقق إلاّ بنص من قبل الله سبحانه وتعالى، وبناء على ذلك فإن القائم بهذا الأمر والمتصدي لـه ـ حسب حديث الغدير ـ هو الإمام علي ـ عليه السلام ـ من بين صحابة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، ويأتي من بعده الأئمة المعصومون من ولده حسب ما ثبت في غير هذا الحديث من الأحاديث عندهم.
ب: الجانب العلمي: ومعناه: أنّ المسلمين يجب عليهم أنّ يرجعوا فيما يحتاجون إليه بعد وفاة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى الأئمة من أهل بيته، وأول الأئمة الإمام علي ـ عليه السلام ـ، وآخرهم الإمام المهدي ـ عليه السلام ـ وهذا الجانب أهم من الجانب الأول، وتكفلت الروايات ببيان هذا الجانب وهي كثيرة:
منها: أنّ "عليّاً باب النبي"(1)، وقد وراها المحدثون من أهل السنة والشيعة.
ويأتي "حديث الثقلين" في طليعة هذه الروايات، وهو حديث مستفيض، بل متواتر، حيث قال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في مواقف عديدةٍ: "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي"(2). على اختلاف في الألفاظ وزيادة ونقصان، وقد جمعها قبل حوالي خمس وثلاثين سنة أحد علماء الشيعة في بلدة قم، ونشرتها "دار التقريب بين المذاهب الإسلاميّة في القاهرة". ويمكن للباحث أنّ ينظر في طرق هذا الحديث في كتاب "المراجعات"(3). للسيد شرف الدين العاملي، وكذا في مقدمة كتاب"جامع أحاديث الشيعة"(4)، وأيضاً في نفس تلك الرسالة، وقد أخذت معي نسخاً منها، وتوجد مصادر
__________________________________
1 ـ ينابيع المودّة للقندوزيّ 1: 69.
2 ـ صحيح مسلم باب فضائل الصحابة: 36، والدارميّ في فضائل القرآن 1: 67، ومسند أحمد بن حنبل 3: 14 ـ 59.
3 ـ المراجعات: 4 ـ 39، الطبعة العشرون.
4 ـ جامع أحاديث الشيعة 1: 124.