ـ(139)ـ
نحو وضع قانون موحد
للمعاملات المالية بين المذاهب الإسلاميّة
الدكتور إدريس العلوي
لقد جاءت الشريعة الإسلاميّة بتصور شامل ونظر متكامل لهذه الحياة، ولجميع التصرفات التي يجب أنّ تكون منسجمة مع ما يحمله الإنسان من عقيدة صافية نقية فتبرز على ضوئها أفعال صالحة خيرة. والقرآن الكريم هو المصدر الأصيل والركن الركين لهذه الشريعة الغراء من جملة مقاصده الكريمة: تربية الفرد والجماعة، تلك التربية التي تدعو إلى صفاء القلب من سوء الصفات، كما تحض على التعاون بين الأفراد والجماعات.
ومن خصائص هذه الشريعة: السماحة واليسر، وهما أمران مستفادان من أصولها وفروعها، وأن الإحسان في المعاملات من وسائل هذه السماحة وأسباب اليسر. كما أنّ هذه الشريعة قائمة على معنى اجتماعي، سواء على صعيد العبادات أو المعاملات، مما يحق عوامل التعاون والتضامن.
إنّ الشريعة الإسلاميّة تعتمد قبل كل شيءٍ على وجدان الإنسان، لا على قوات السلطان، وغايتها هي: مصلحة الإنسان كخليفة في المجتمع الذي هو منه، وكمسؤول أمام الله الذي استخلفه على إقامة العدل والإنصاف.
وإذا كان القانون الوضعي يهتم بالمساواة فإن الشريعة الإسلاميّة تهتم بتحقيق العدالة. فالمساواة تعني: فقط تطبيق القانون القائم على الجميع كيفما كان القانون، بينما