ـ(40)ـ
كلمتين، كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة). وأن المسلمين ما وصلوا ولن يصلوا إلى تحقيق أهداف الإسلام السامية إلاّ بالوحدة، وأن عز المسلمين ومجدهم رهين وحدتهم، وليس بعد اختلافهم وتنازعهم إلاّ ضعف الشوكة وحلول الوهن بهم.
الأمر الثاني: أن الأصول الأساسية للإسلام لا خلاف فيها ـ والحمد لله ـ بين المسلمين، فكلهم يعتقدون بتوحيد الرب تعالى، وبنبوة نبينا محمد والأنبياء قبله ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ وبالمعاد، والجنة والنار، وبالصلاة والصوم، والحج والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن كتابهم واحد، وقبلتهم واحدة، إلى غير ذلك من أركان العقيدة والعمل. وأن هذه الأصول المتفق عليها والمشتركة بين المذاهب الإسلامية هي بالذات ملاك الاخوة الإسلاميّة، ومعياره وحدة الأمة، دون غيرها من المسائل المختلف فيها والآراء الخاصة بكل مذهب، التي تدخل في معايير المذاهب نفسها دون أصل الإسلام.
الأمر الثالث: أن دعوة الناس إلى وحدة الأمة لا يعنى بها: رفض المذاهب كلها أو بعضها، كما لا يراد بها: إدغام المذاهب والمساومة عليها، وذلك بأخذ شيءٍ من كل مذهب ورفض شيءٍ بحيث تكون الحصيلة صفقة مرضية لأتباع المذاهب. كما لا يعنى بها: تبديل مذهب بمذهب، أو إحداث مذهب جديد في الإسلام، كما لا يعنى به: الاكتفاء بالمشتركات ورفض موارد الاختلاف والإعراض عنها تماماً.
نعم، لا يراد بالوحدة والتقريب شيئاً من هذه الوجوه المتصورة التي ربما يوجد لكل منها أنصار بين المسلمين الذين يدعون إلى وحدة الأمة. فإنا نعتقد أن هذه كلها أحلام كاذبة وآراء باطلة، ونرفض كل هذه الفروض والصور المحتملة لأنها ليست عملية، ولا سبيل إلى تحقيقها أصلاً وبتاتاً. والذي يدعو إلى واحدة منها لا يصل إلى تحقيقها، بل يزيد في الطنبور نغمة أخرى، ويوسع شقة الخلاف والخصام بين الأنام.
وإنما السبيل الوحيد الذي نتبناه ـ اقتداء بالسلف الصالح من علماء المسلمين