ـ(12)ـ
ـ كواقع خارجي ـ كان موجوداً وقائماً في مختلف المراحل التاريخية، وكان هذا الاختلاف نتيجة طبيعية لقانون آخر وضع الله تعالى البشرية في إطاره، وهو: قانون الامتحان والاختبار، والذي شكل المنهج الوحيد لعملية البناء والتكامل للأمم والأفراد الصالحين في إطار المخلوق العالم والمختار، الذي يعتمل في نفسه الشعور بالحاجة الطويلة للحياة والرغبات والشهوات، والذي هيأ الله تعالى له حياة طويلة ومتنوعة، وهي الحياة الدنيا والآخرة، حيث كانت فترة الامتحان له ـ وهي: الحياة الدنيا ـ فترة العمل من أجل هذا التكامل وفرصة الاختبار فيه، وكانت الحياة الأخرى هي فترة الحساب والثواب والعقاب وتحقق الأهداف(الحياة الحقيقية) (وما هذه الحياة الدنيا إلاّ لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون)(1).(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)(2).(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور)(3).
الاختلاف بسبب الهوى:
وقد بدأ الاختلاف في الحياة الإنسانية بسبب تأثير الهوى الذي أودعه الله ـ عز وجل ـ في النفس البشرية كقوة جاذبة توازن في عملية الإرادة والاختيار قوة العقل والفطرة الإنسانية، حيث يعتمد الهوى بالأصل على رؤية الأمور عملياً من خلال المحسوسات المادية فقط، والحاجات الأمنية الدنيوية التي تتطلبها الغرائز الإنسانية، ويعتمد على المشاعر والأحاسيس التي تخلقها المصالح الوقتية في مقابل العقل الذي يعتمد على الرؤية الصحيحة والدقيقة لواقع الكون والحياة، والنظرة إلى
________________________
1 ـ العنكبوت : 64.
2 ـ العنكبوت : 2.
3 ـ الملك : 2.