ـ(10)ـ
الاختلاف والوحدة
في نظر القرآن الكريم
سماحة السيد محمد باقر الحكيم
رئيس المجلس الأعلى للمجمع العالمي
للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة
ينقسم هذا البحث إلى قسمين رئيسيين:
القسم الأول: الاختلاف والوحدة كظاهرةٍ إنسانية.
القسم الثاني: الاختلاف والوحدة بين الديانات الإلهية.
أما القسم الأول: فنحن نلاحظ من خلال القرآن الكريم أن البشرية ـ كمجتمع ـ بدأت متحدة في سلوكها وعلاقاتها، كما نص القرآن الكريم على ذلك في بعض المواضع: (كان الناس أمة واحدة)(1) (وما كان الناس إلاّ أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون)(2).
ويبدو أن هذه الوحدة كانت تقوم على أساس قاعدة الفطرة الإنسانية التي أودعها الله سبحانه وتعالى في الإنسان، وهيأه لهذه الخلافة الإلهية في الأرض، والتي تتمثل بالعقل والعلم والإرادة (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة...)(3) وقد كانت الظروف الإنسانية والحياتية في البداية ملائمة لأن تأخذ هذه
______________________________________
1 ـ البقرة: 213.
2 ـ يونس: 19.
3 ـ البقرة: 30.