/ صفحه 80/
ومن أنواع الصيام ما يقتضى الإمساك عن هذه الأمور اليوم كله نهاره وليله ومنه مالا يقتضى الإمساك إلا نهاراً أو شطرا من النهار. ومنه ما يبدأ بغروب الشمس ويستغرق اليل كله أو شطراً منه.
ومن أنواع الصيام ما يكون متتابعاً يجرى في أيام متتاليه. ومنه ما يجرى في مدة معينة ولكن في أيام غيرمتتالية، كأن يصام يوم ويفطر يوم في شهر من شهور السنة أو فصل من فصولها. وقد يجرى ذلك مدى العمر، فعند عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما. ومنه ما يكون مقصورا على يوم واحد أو ليلة واحدة أو جزء من يوم أو ليلة.
وأما المناسبات التي تقتضي الصوم على وجه الوجوبات أو الندب في مختلف الديانات الإنسانية فهي كثيرة متنوعة. ولكن أهم هذه المناسبات هو حلول مواقيت دورية كحلول فصل من فصول السنة أو شهر من شهورها أو يوم من أيام الأسبوع أو وصول كوكب إلى منزلة خاصة من منازله. وكثيرا ما يكون الميقات تاريخا لحدث اجتماعى خطير وقع فيه، فيتجه الصيام أولا وبالذات إلى ذكرى هذا الحدث أو إلى أمور تتصل به، كشهر الصيام مثلا عندالمسلمين فإنه تاريخ لنزول الكتاب الكريم، وكاليوم السابع عشر من الشهر الرابع العبرى عنداليهود، وهو أحد أيام صيامهم. فإنه تاريخ لسقوط عاصمة ملكهم القديم.
ومن أشهر الديانات السابقة للإسلام التي وجهت عناية كبيرة إلى هذا النوع من الصيام. وهو الصيام المرتبط بمواقيت دورية، وكثرت فيها مناسباته، ديانات الصابئين والمانوية والبوذيين والبرهميين واليهود.
فقد ذكر ابن النديم في كتابه ((الفهرست))(1) أن ديانة الصابئين، وهي ديانة قائمة على تقديس الكواكب، ((تفترض عليهم من الصيام ثلاثين يوما أولها لثمان مضين من اجتماع آذار (وهو شهر مارس)، وتسعة أخر أولها لتسع بقين من اجتماع كانون الأوّل (وهو شهر ديسمبر)، وسبعة أيام أخر أولها لثمان مضين من شباط (وهو شهر فبراير). وصيام السبعة هو أعظم أنواع الصيام لديهم. وأعيادهم: عيد يسمى عيد فطر السبعة (وهو يعقب صيام سبعة الأيام); وعيد يسمى عيد فطر الشهر أو عيد فطر الثلاثين (وهو يعقب صيام الثلاثين يوما))).