/ صفحه 45/
خذنى بأضيق قيود المنطق فلست خطيبا يدلو القطيع الآولى إلى مذهب اجتماعي طريف عمدته ((كارل ماركس)) أو ((داروون)) أو ((سيجومت فرويد)) في الغابرين أو ((كوكتو)) أو ((كوليت)) أو ((سارتر)) في الحاضرين أنه التاريخ الحق الذي لا جدال فيه.. فلست احتج في حديثى معك إلا بما نال الإجماع كتاب الله الذي لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه والعمل الثابت الحاسم الذي لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان.
قلت: فإن في كلامكم سبيلا إلى اللغة والإعراب جديده ذلك بأنكم ترون أن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق قال لأبيه أنه أهدف له يوم كذا ولو شاء لقتله لعلكم تقصدون أن أبابكر(رضي الله عنه) استهدفه أبنه أي أعده هدفا فكذلك التعبير الجارى على السنة كبار المتكلمين ومن أقلام قادة الكاتبين فأنتم تستهدفون الوحدة مثلا وأنا استهدف الإعراب.. فاستهدف تعنى أتخذ هدفا.
قال: مهلا.. لكأنه جد على شؤون اللغة نحوها وصرفها وبلاغتها جديد افتراهم أجازوا الاستشهاد بكلام كبار الكتاب والشعراء ـ وبخاصة المجددين منهم ـ على صحة العبارة؟ نحن نعلم ـ بوصف كوننا قدماء ـ أن العرب قالت: أهدف عليه تعنى اشرف. وإليه تعنى لجأ. وله تغنى عرض. ومنه تعنى دنا أو انتصب أو استقبل... فالصديق(رضي الله عنه) أهدف لأبنه أي عرض أو دنا أو استقبل أو قل كان له غرضا إن شاء رماه بسهم فقتله إلا أنه صد أي أعرض فلم يشأ قتل أبيه على خلافه لو كان مكانه.. لو كان هو الذي أهدف لأبي بكر(رضي الله عنه) وعبدالرحمن مشرك حينئذ لقتله أبوه كما فعل غيره من أعلام أصحاب رسول الله وذلك هو موضع الاستشهاد والعبرة فإن الإسلام هو كل شيء عند المسلم حقا ((قل إن كان آباؤكم وأبناءكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين ((فلا مال ولا ولد ولا أهل أعز على المسلم من الله ورسوله فالإسلام بهذا الوصف هو الوحدة الجامعة.. لقد استهدف أصحاب محمّد(صلى الله عليه وسلم) يوم أحد لسهام عدوهم أي جعلوا من أجسامهم جُنه أي وقاية له عليه الصلاة والسلام أن يصيبه النبل استهدف فاستقبل وزنا ومعنى أي جعل نفسه هدفا أو غرضا فأنت تستهدف النقد تغنى أن تكون له غرضا أو غاية..