/ صفحه 399/
(2) وإنما قلنا: ((والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة)) لأننا كثيراً ما رأينا بعض الكتب المذهبية تنقل عن مذاهب المخالفين نقولا غير صحيحة، أو غيره محررة بدقة، وذلك يرجع أحيانا إلى عدم معرفة الناقل بحقيقة المذهب وما عليه المعول فيه، وأحيانا إلى الرغبة في تشويه المذهب سياقا مع العصبية، لذلك كان الاحتياط واجباً عند إرادة معرفة مذهب ما، ولا شك أن كتبه الخاصة هي التي تحقق هذه الغاية.
(3) والمدار في صحة النقل والثقة بالمدون في أي مذهب، هو بالنسبة للإقدمين ما جروا عليه من تحقيق النسبة والفحص عن الراوي وأسلوب التلقي، ونحو ذلك، أما بالنسبة إلينا ـ معاشر المحدثين من العلماء ـ فهو زيادة على ذلك تصفح الكتب المختلفة المؤلفة في عصور متفاوتة على نحو يوجب الجزم بعدم وقوع تصحيف أو تحريف أو كذب فيما تنقله هذه الكتب، ولنضرب لذلك مثلا من كتب السنة التي بين أيدينا الصحاح وغيرها، فنحن نقرأ المطبوع أو المنسوخ منها، وقد نجد في بعضه تحريفاً أو سقطا أو زيادة، وسرعان ما يدرك أهل العلم والبحث ذلك بمراجعة النسخ وتحقيق النصوص، ثم يأتي بعد ذلك دور التمحيص وتحقيق الرواية وفي كل مذهب كتب مخطوطة ومطبوعة تأخذ مثل هذه السبيل في تحقيق طبعاتها ونسخها ونصوصها، ثم في تحقيق رواياتها وشأن رواتها.
من هذا كله توجد الثقة بالمذهب المنقول، وتصرف الحقيقة فيه.
السؤال الثاني: هل المنظور من جملة: ((كسائر مذاهب السنة)) في المادة الثانية من الفتوى أن تعد الطريقة الاثنى عشرية من طرق التسنن بناء على أن لفظ السائر مأخوذ من السؤر بمعنى الباقي واستعماله في معنى الجميع غير صحيح كما ذكره ابن الأثير، وسائر أئمة اللغة؟ وهل إفتاء جواز التعبد بمذهب الإمامية يشمل مقلدي سائر المذاهب أم مخصوص بأتباع هذا المذهب أنفسهم، كما يستنبط من تفكيك تلك المادة من المادة الأولى؟.
الجواب: (1) أن كلمة ((سائر)) تستعمل في كلام العلماء تارة بمعنى ((جميع)) وتارة بمعنى ((باقي)) وقد يكتسب اللفظ اللغوي معنى أوسع من معناه على نوع من التسامح في كتب الاصطلاح، والعبرة بالقرينة الموضحة للمراد، والكلام فيواضح الفتوى واضح في أن المراد التسوية بين مذهب الشيعة الإمامية والاثنى عشرية وجميع مذاهب أهل السنة المنقولة نقلاً صحيحاً.