/ صفحه 369/
أنا اللّغَة
لصاحب الفضيلة الشيخ علي محمد حسن العماري
المدرس بالأزهر
ـ 2 ـ
... وتظهر في الأفق معركة أخرى حول ((التعابير)) وقد رأينا الشعراء والكتاب منذ عهد النهضة الحديثة تقيلوا الجاحظ والمتنبي وأبا حيان التوحيدي والشريف الرضي وأضرابهم، فارتفعوا بالأساليب عن إسفاف العامة، وركاكة العجمة، وهجروا ـ إلى حد كبير ـ البهارج اللفظية، والألوات البديعية المتكلفة التي كانت كلفاً في وجه الأدب حقبا ليست بالقصيرة، واستمر نهر التجديد في جرياته، واستنكف بعض الأدباء أن يقف عند ترسلات الجاحظ، وقوامي المتنى، ورأوا أن الأدب العربي الحديث لم يساير الزمن، وأنه التفت فقط إلى ماضيه البعيد، ولم ينظر إلى مستقبله، فكان ناقصاً لا يساير حياتنا، وأنه ـ كما يقول الأستاذ المرحوم أحمد أمين ـ يحارب مترليوزا بقوس وسهم، ويضىء سراجا بزيت، ويبكى الأطلال ولا أطلال، ويرى لزماً ((أن نستمد من حياتنا الواقعية، ومن كل ما يحيط بنا جملا حية تلائم مافي نفوسنا، وأن نخترع عبارات من المجازات والتشبيهات والاستعارات والكنايات نستمدها من الحياة التي نعيشها، والمخترعات التي نستخدمها وما وصلت إليه علوم النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد))(1).
وكان لهذه الصيحة ـ كذلك ـ صداها، فلم تمر دون جدل وخصام، فيرى وكان المرحوم الدكتور عبدالوهاب عزام أن بعض المجازات والكنايات جرت مجري الحقائق التي نسي أصلها أو كاد، وهذه حكمها حكم الحقيقة لا تجديد فيها، وأما